للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير مستحسن وداد الغواني ... بعد سبعين حجة وثمان

فأجابه أبو العلاء بالكلمة السقطية المشهورة:

عللاني فإن بيض الأماني ... فنيت والظلام ليس بفاني

عنى ظلام عينيه وظلام الزمان حوله بالفتن والحروب وقال فيها:

قد أجبنا لفظ الشريف بلفظ ... وأثبنا الحصى من المرجان

أي بدلاً من المرجان وفي مكانه. ولعمري لقد كانت أبيات المعري من نفس المرجان لا بدلاً منه، ولم أكن أشك أن نونية كرف رحمه الله

عطفت فلو ألو عنك الأعنة ... وكم لي من حنة بعد حنة

هي المرجان. وكأن قد خشيت أن تكون الإجابة عنها بمعارضة لها في البحر والروى إنما ذلك حصى. فأخرني هذا التهيب عن المسارعة بجوابها. ثم إن السنين تعاقبت وتعرضت للنونية المذكورة بإلماع وحسن ثناء في ذكرى صديقين (١) وتحدثت عنها من مذياع أن درمان وعلمت أن ذلك وقع من الأستاذ كرف رحمه الله موقعًا حسنً وكنت أزوره من حين إلى حين فعقدت العزم أن أنظم نونية جوابه حصى أو مرجانًا وإذا بالمنية تبادر إليه. ناداني أستاذ العربية الدكتور بابكر دشين وأنا أجتاز بعض الطريق فقص على النبأ الحزين. لكل أجل كتاب، وإذا بهذه المرثية تنثال علي مع الدموع: -

سقت قبرك الديمية المرحجنة ... ياكرف الخير والموت سنة

وأسكنك الله دار المقامـ ... ـة ترضى بها نفسك المطمئنة

كما لغة للكتاب العزيز ... عراها بدرسك وثقتهنه

وتصبر حتى عقول التلاميـ ... ـذ بالفهم تلفى إليها ركنه

وقد كنت في الشعر تعطي الغريب ... معانيه واضحًا شرحهنة

وتشده عربي السليقـ ... ـة والصوت ذو نبرات وغنة

بهيًا به وشجيًا به ... وأشجانه عن سواه شجنه (٢)


(١) نفسه ص ٢١.
(٢) أي أحزان الشعر قد حبسته عن كل شيء سواه- شحنته عنه (من باب نصر).

<<  <  ج: ص:  >  >>