للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه اليمن من صخب وخفض في الجاهلية إذ منها ومن الهند كانت تجيء هذه الكماليات الأرستقراطية التي يذكرها امرؤ القيس.

ثم أخذ الشاعر في صفة اليسير والرحلة فقال:

تذكرت أهلي الصالحين وقد أتت ... على خملي خوص الركاب وأوجرا

فلما بدا حوران والآل دونه ... نظرت فلم تنظر بعينك منظرا

تقطع أسباب اللبانة والهوى ... عشية جاوزنا حماة وشيزرا

بسيرٍ يضج العود منه يمنه ... أخو الجهد لا يلوي على من تعذرا

عنى بذلك نفسه.

ولم ينسني ما قد لقيت ظعائنًا ... وخملاً لها كالقر يوما مخدرا (١)

كأثلٍ من الأعراض من دون بيشةٍ ... ودون الغمير عامدات لغضورا

وهذا ديار بني أسدٍ ومرتادهم. ويعجبني من امرئ القيس تقطيع كلامه بالذكريات هكذا، وموافاتك بهذه المناظر الرائعة في لفظ مفعم بما كان يعتلج في صدره من حنين.

ثم أخذ في وصف الناقة في لفظ رصين حتى انتهى إلى ذكر نفسه وحروبه، فقال -والضمير راجع إلى الناقة-:

عليها فتى لم تحمل الأرض مثله ... أبر بميثاقٍ وأوفى وأصبرا

هو المنزل الآلاف من جو ناعطٍ ... بني أسدٍ حزنًا من الأرض أوعرا

وفسر الصعيدي هذا البيت فقال: الحزن: الوعر من الأرض، وأوعر صفة مؤكدة يعني أنه قهر الآلاف من بني أسد حتى هاجروا من السهل إلى الوعر (٢).


(١) القر: الهودج.
(٢) مختارات الثمر الجاهلي ٤٤ - ٤، والقصيدة هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>