للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضلالًا لهذي الريح ماذا تريده ... وهديًا لهذا السيل ماذا يؤمم (١)

ألم يسأل الوبل الذي رام ثنينا ... فيخبره عنك الحديد المثلم

ولما تلقاك السحاب بصوبه ... تلقاه أعلى منه كعبًا وأكرم

فباشر وجهًا طالما باشر القنا ... وبل ثيابا بلها الدم

تلاك وبعض الغيث يتبع بعضه ... من الشام يتلو الحاذق المتعلم (٢)

فزار التي زارت بك الخيل قبرها ... وجشمه الشوق الذي تتجشم

ولما عرضت الجيش كان بهاؤه ... على الفارس المرخي الذؤابة منهم (٣)

حواليه بحر للتجافيف مائج ... يسير به طود من الخيل أيهم (٤)

تساوت به الأقتار حتى كأنه ... يجمع أشتات الجبال وينظم

وكل فتى للحرب فوق جبينه ... من الضرب سطر بالأسنة معجم (٥)

يمد يديه في المفاضة ضيعم ... وعينية منتحت التريكة أرقم (٦)

كأجناسها راياتها وشعارها ... وما لبسته والسلاح المسمم

وأدبها طول القتال فطرفه ... يشير إليها من بعيد فتفهم


(١) روى العكبري عن ابن فورجة أن المتنبي دعا على الريح لضررها، ودعا للمطر لنفعه. وقال العكبري قال للريح ضلالا، لأنها آذتهم في طريقهم، ولما حكاه (أي سيف الدولة) السيل بالجود دعا له.
(٢) أي تبعك الغيث من الشام كما يتبع الحاذق المتعلم، لأنك غيث حاذق الجود، وهذا الغيث إنما يتعلم الجو، والحاذق متبوع، والمتعلم تابع.
(٣) الذؤابة: الضفيرة من شعر الرأس، وعنى بالفارس المرخي الذؤابة: سيف الدولة. وليت شعري هل كانت لهم ذوائب حينئذ يطولونها ويضفرونها، أو سلك الشاعر سبيل المجاز.
(٤) قوله أيهم: أي طويل ضخم لا يهتدي فيه. وهي صفة للطود، وهو الجيل. والتجافيف واحدها تجفاف: وهي ضر من الدروع يلبسها الفارس والفرس.
(٥) أي كل فتى قد وسمته الحرب حتى لترى على جبينه سطرًا من كتابة الأسنة ونقطها.
(٦) المفاضة: هي الدرع، والتريكة. هي غطاء الرأس والوجه في الحرب، يقول: عينا الفارس من الخوذة كعيني الأفعى، ويداه يمدهما من الدرع كيدي الأسد: أي هو هزبر صل في الحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>