للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في غير الشعر قليل, وهو فيه كثير, وإذا حذفت الفاء والمبتدأ معًا, ولم يخص ذلك بالشعر, فحذف الفاء وحدها أولى بالجواز, وأن لا يخص بالشعر, فلو قال في الكلام: إن استغنيت أنت معان, لم أمنعه, إلا أنه لم أجده مستعملًا, والمبتدأ مذكور إلا في شعر قليل, كقول الشاعر:

من يفعل الحسنات الله يشكرها

وتضمن الحديث الثاني حذف جواب إن الأولى, وحذف شرط إن الثانية, وحذف الفاء من جوابها, فإن الأصل: فإن جاء صاحبها أخذها, وإن لايجئ فاستمتع بها, وتضمن الحديث الثالث حذف فعل ناصب للبينة, وحذف فعل الشرط بعد إن لا, وحذف فاء الجواب والمبتدأ معًا, فإن الأصل: أحضر البينة, وإن لا نحضرها, فجزاؤك حد في ظهرك. والنحويون لا يعترفون بمثل هذا الحذف في غير الشعر, أعني: حذف فاء الجواب, إذا كان جملة اسمية, أو جملة طلبية, وقد ثبت ذلك في هذين الحديثين, فبطل تخصيصه بالشعر, لكن الشعر أولى به, فإذا جاز حذف الفاء والمبتدأ معًا, فحذفها والمبتدأ غير محذوف أولى بالجواز ومن ورود الجواب طلبًا عاريًا من الفاء قول الشاعر:

إن تدع للخير كن إياه متبعيًا ... ومن دعاك له احمده بما فعلا

هذا كلامه. وقد اعترض عليه بعضهم بأن الكلام في حذفها وحدها, أما بتبعية الجملة أو بعض أجزائها, فليس محل الخلاف, إذ رب شيء يغتفر تبعًا, ولا يغتفر استقلالا. ثم قال ابن مالك: ومنها قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: «أما بعد, ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله» وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: «أما موسى, كأني أنظر إليه إذ ينحدر من الوادي»

<<  <  ج: ص:  >  >>