للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التصاوير قال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك التصاوير. أولئك شِرار الخلق عند الله» (١). وكلُّ واحد من اتخاذ القبور مساجد ومن التصاوير فيها محرَّم، فالصلاةُ فيها تُشبِه الصلاة في المسجد على القبر.

ولأنه بعث عليًّا - رضي الله عنه - على أن لا يدع تمثالًا إلا طمَسه، ولا قبرًا مُشْرِفًا إلا سوَّاه (٢). فإذا كان [ص ١٨٦] طمسُها واجبًا لأنها بمنزلة الأوثان، فالصلاةُ في المكان الذي فيه الصور كالصلاة في بيوت الأوثان، فهل يقول أحد: إنَّ هذا جائز بلا كراهة من غير ضرورة؟

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة» (٣)، فكيف لا تُكرَه الصلاة في مكان تمتنع (٤) الملائكةُ من الدخول إليه دائمًا؟ ولأنَّ الصور قد تُعبد من دون الله، وفيها مضاهاةٌ لخلق الله؛ فالصلاةُ عندها تشبُّه بمن يعبدها ويعظِّمها، لاسيَّما إن كانت الصورة في جهة القبلة، فإنَّ السجود إلى جهتها يشبه السجود لغير الله.

وأما صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة، فهو حجَّة أيضًا قويَّة، لما رُوي عن ابن عباس قال: دخل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - البيتَ، فوجد فيه صورة إبراهيم وصورة مريم، فقال: «أمَّا هم فقد سمعوا أنَّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة. هذا إبراهيم


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) في المطبوع: «تمنع»، والصواب ما أثبت من الأصل.