للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبيد الله بن الحسن العنبري قال: وجدتُ في كتاب أبي: ثنا عبد الملك ابن أبي سليمان العرزمي عن عطاء بن أبي رباح عن جابر قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريَّةً كنتُ فيها، فأصابتنا ظلمة، فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منَّا: القبلة هاهنا قِبَل الشمال، فصلَّوا، وخطُّوا خطًّا. وقال بعضنا: القبلة هاهنا قِبَل الجنوب، وخطُّوا خطًّا. فلما [ص ٢٠٦] أصبحنا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة. فقدِمنا من سفرنا، فأتينا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فسألناه عن ذلك، فسكت. وأنزل الله عزَّ وجلَّ: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}. وهو إسناد مقارب.

وتعدّد (١) هذه الطرق مما يغلب على القلب أنَّ الحديث له أصل، وهو محفوظ؛ فإنَّ المحدِّث إذا كان إنما يُخاف عليه من سوء حفظه، لا من جهة التهمة بالكذب، فإذا عضده محدِّث آخر أو محدِّثان من جنسه قويت روايته، حتى يكاد أحيانًا يُعلَم أنه قد حفظ ذلك الحديث، لا سيما إذا جاء به محدِّث آخر عن صحابي آخر؛ فإنَّ تطرُّقَ سوء الحفظ في مثل ذلك إلى جماعة بعيد لا يُلتفَت إليه، إلا أن يعارض حديثَهم ما هو أصحُّ منه.

وقد روى أصحاب التفسير (٢) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال خرج نفر


(١) في الأصل: «وبعد»، وفي المطبوع: «وبعض»، ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) أخرجه ابن مردويه كما في «تفسير ابن كثير» (١/ ٣٩٤)، من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وضعفه ابن كثير.