للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يضطرَّ يقطعه من عند الكعبين»، وفي رواية (١): «إلا أن يضطرَّ مضطرٌّ فيقطعهما أسفلَ من الكعبين»، وفي روايات متعددة (٢): «ولا الخفين إلا أحد لا يجد نعلين فليلبسهما أسفل من الكعبين». فلم يرخِّص في لبس المقطوع إلا لعادم النعل، وعلَّقه باضطراره إلى ذلك، [ق ٢٣٩] وهذا صريح في نهيه عنه إذا لم يضطر وإذا كان واجدًا، وليس بمفهوم (٣).

قالوا: وإنما أمر أولًا بالقطع ليقارب النعلَ، لا ليصير مثلَه من كل وجه، إذ لو كان مثله من كل وجه لم ينه عنه إلا في الضرورة، ثم إنه نسخ ذلك كما تقدم.

ويؤيِّد ذلك أنه قال في حديث ابن عمر: «وليُحرِمْ أحدكم في إزار ورداء ونعلين» (٤)، فلما كانت الأعضاء التي يحتاج إلى سترها ثلاثةً ذكر لكل واحد نوعًا غير مخيطٍ على قدره، والأمر بالشيء نهيٌ عن ضدّه. فعُلِم أنه لا يجوز الإحرام إلا في ذلك، ولأنه مَخِيط مصنوع على قدر العضو، فمنع منه المحرم كالمخيط لجميع الأعضاء. والحاجة إنما تدعو إلى شيء يَقِيْه مسَّ قدمِه الأرضَ، وذلك يحصل بالنعل، [و] لَمَّا لم يثبتْ بنفسه رُخِّص (٥) له في سُيورٍ تُمسِكه، كما يُرخَّص في عقد الإزار لمّا لم يثبتْ إلا بالعقد.


(١) عند أحمد (٤٨٦٨)، وقد سبقت.
(٢) أخرجها مالك (١/ ٣٢٥) وأحمد (٥١٦٦، ٥٣٢٥) والبخاري (١٥٤٣، ٥٨٠٣) ومسلم (١١٧٧/ ١) بنحوه.
(٣) أي هذا صريح معنى الحديث، وليس مفهومًا مخالفًا له.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) في النسختين: «رخصة». ولعل الصواب ما أثبت.