للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك لأن الدم قائم مقام النسك المتروك، فإذا قضى ما تركه فقد قام القضاء مقام ما ترك فأغنى عن الدم، بخلاف ما وجب لفعل محظور، فإن ذلك المحظور لم يخرج عنه كفارة، وبخلاف ما لو عاد إلى الميقات محرمًا، فإن إحرامه قد نقص نقصًا لم يُجْبَر بالعود إليه، وهنا قد أحرم إحرامًا مبتدأ من الميقات.

والثانية: لا يسقط. نص عليه في رواية ابن منصور (١)، وذكر له قول سفيان في رجل جاوز الميقات فأهلَّ ثم جامع: عليه أن يحج من قابلٍ وعليه بدنة، وليس عليه دم لتركه الميقات، قال أحمد: عليه دم لتركه الميقات ويمضي في حجته، ويصنع ما يصنع الحاج، ويلزمه ما يلزم المحرم في كلّ ما أتى، لأن الإحرام قائم، وعليه الحج من قابلٍ والهدي.

وهذه اختيار أصحابنا؛ لأن من أصلنا أن الدم الواجب بترك الإحرام من الميقات لا يسقط بالقضاء، كما لو أحرم دون الميقات ثم عاد إلى الميقات (٢) محرمًا.

وأيضًا فإن الحجة الفاسدة حكمها حكم الصحيح في كل شيء، وعليه أن يَجْبُرها إذا ترك واجبًا أو فعل محظورًا، فلو قلنا: إن ما يفعله في قضائها يقوم مقام ما يفعله فيها، لكُنَّا لم نوجب عليه إتمام الحجة الفاسدة. ولأنه لو كان القضاء يقوم مقام ما يتركه في الحجة الفاسدة لم يجب عليه المضيُّ فيها، بل قد أوجب الشرع عليه إتمام الأولى وقضاءها.


(١) الكوسج في «مسائله» (١/ ٥٨٧، ٥٨٨). ونقلها القاضي في «التعليقة» (١/ ٣٢٩).
(٢) في النسختين: «الوقت».