والباب التاسع: في شرح البديع والإبانة عن وجوهه، وحصر أبوابه وفنونه.
والباب العاشر: في حسن مقاطع الكلام ومبادئه والخروج من النسيب إلى المديح وغيره.
وقد استقصى أبو هلال العسكري بمنهجه هذا صور البيان والبديع التي سجلها النقاد والبلاغيون حتى عصره، وقد سلك - في تأليفه - طريقة صناع الكلام من الكتاب والشعراء. ونبذ سلوك مذهب المتكلمين - كما يقول في أول الكتاب - ومضى على طريقة ابن المعتز يكثر من الأمثلة والنصوص من القرآن والحديث وكلام الصحابة والعرب، وأشعار المتقدمين والمحدثين.
[(٢) عبد القاهر الجرجاني]
هو: عبد القاهر، أبو بكر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني، من أسرة فارسية رقيقة الحال، ولكنه نشأ ولوعاً بالعلم محباً للثقافة، فأقبل على الكتب يلتهمها وبخاصة كتب النحو والأدب لاقتفائه أثر أساتذيه: أبي الحسين محمد بن الحسن ابن عبد الوارث الفارسي النحوي نزيل جرجان، وأبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني، فعلى الرغم من أن عبد القاهر لم يخرج من جرجان في طلب العلم أرسل إليه أبا الحسين هذا، وكان قد أخذ العلم عن خاله أبي علي الفارسي صاحب كتاب الإيضاح في النحو. وأما أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني فقد كان أديباً ممتازاً، واشتهر "بالوساطة بين المتنبي وخصومه" قال ياقوت: "وكان الشيخ عبد القاهر الجرجاني قد قرأ عليه، واغترف من بحره، وكان إذا ذكره في كتبه تبخبخ به، وشمخ بأنفه بالانتماء عليه".
ولكن عبد القاهر قد تتلمذ بعد ذلك على الكتب، فقرأها بفكر واع، وعقل متريث، ولهذا تراه ينقل في كتابه عن سيبويه، والجاحظ، وأبي علي الفارسي، وابن قتيبة، والآمدي، والقاضي الجرجاني، وأبي هلال العسكري، وأبي أحمد العسكري، وعبد الرحمن بن عيسى الهمذاني، والمرزباني، والزجاج.