للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا ريب أن الفرزدق - وهو في مقام المفتخر المعتز بنفسه- يريد أن يخص نفسه بالدفاع عن أحساب قومه، وأن يجعل الدفاع عن أحسابهم مقصوراً عليه بحيث لا يتعداه إلى غيره قصر صفة على موصوف، مع أن هذا لا ينافي أن يدافع عن أحساب غيرهم - أيضاً - ومن قواعدهم: أن المقصور عليه في (إنما) يجب تأخيره، وعلى هذا ينبغي تأخير الضمير عن الأحساب - كما فعل الفرزدق- لأن الضمير هو المحصور فيه، ولو أخر لفظ الأحساب فقيل: وإنما أدافع عن أحسابهم لكان الأحساب محصوراً فيه، ولصار المعنى: أنه يدافع عن أحسابهم لا عن أحساب غيرهم، وهو ليس مراداً، لأنه بصدد التمدح بالبسالة والمروءة، وليس في الدفاع عن أحساب بعينها كبير مدح، فقد يتأتى ذلك ممن يكره عليه، وليس بذي مروءة ولا شهامة.

رابعاً: تقديم ما حقه التأخير:

والمقصور عليه فيه هو: المقدم.

تقول في قصر الموصوف على الصفة: (عربي أنا) فنقصر ضمير المتكلم على وصف العروبة لا يتعداها إلى غيرها كالهندية والإنجليزية وهكذا.

وتقول - في قصر الصفة على الموصوف-: (أنا ساعدتك في مهمتك) فتقصر المساعدة على ضمير المتكلم بحيث لا تتعداه إلى غيره.

وأما كونه قصر إفراد، أو قلب، أو تعيين فمنوط بحال المخاطب كما عرفت وتقديم ما حقه التأخير يأتي فيها يلي:

(أ) تقديم المسند إليه كما في قول أبي الطيب:

وما أنا أسقمت جسمي به ... وما أنا أضرمت في القلب نارا

ب- تقديم المسند: كما في قول عمرو بن كلثوم:

لنا الدنيا ومن أضحى عليها ... ونبطش حين نبطش قادرينا

(جـ) تقديم بعض القيود، كما في باب متعلقات الفعل- وذلك كقول الشاعر:

إلى الله أشكو لا إلى الناس إنني ... أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب

(د) تقديم بعض المعمولات على بعض، كإفادة التخصيص في نحو:

(جاء راكباً محمد).

<<  <   >  >>