ويليه في الحسن: ما طالت قرينته الثانية أو الثالثة، كما في قوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: ١، ٢]، فهاتان قرينتان ثانيهما أكثر عددًا من الأولى، وكقوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} [الحاقة: ٣٠، ٣١] فقوله: (ثم الجحيم صلوه) قرينة ثالثة، وهي أطول من سابقتها، وقوله تعالى بعد ذلك:{ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ}[الحاقة: ٣٢] قرينة رابعة جاءت أطول من سابقتها.
على أنه لا يحسن أن يؤتي بالقرينة الثانية أو الثالثة أقصر من سابقتها، لأن السجع قد استوفى أمده في الأولى، فإذا جاءت الثانية أو الثالثة أقصر، بقى الإنسان عند سماعه بمثابة من يريد الانتهاء إلى غاية؛ فيعثر دونها.
سر جمال السجع: يكمن السر في جمال السجع: أن له موسيقى تطرب لها الأذن، وتهش لها النفس فتقبل على السماع من غير أن يدخلها ملل أو يخالطها فتور، فيتمكن المعنى في الأذهان، ويقر في الأفكار، ويعز لدى العقول.
* * *
وبعد: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.