للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالفصاحة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم".

والحق أن كلا من كثرة التكرار، وتتابع الإضافات لا يخل بفصاحة الكلام، لمجيئهما في القرآن الكريم، كقوله تعالى: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ} [غافر: ٣١] وقوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} [مريم: ٢] وقوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٧ - ٨].

وأما فصاحة المتكلم. فهي ملكة يستطيع بها التعبير عن مقصودة بلفظ فصيح، والملكة هي هيئة راسخة في النفس، والتعبير بها يشعر بأن الفصاحة من الهيئات الراسخة في النفس، ولهذا فإن من يعبر عن مقصودة بلفظ فصيح لا يعد فصيحاً إلا إذا كانت الصفة التي استطاع بها التعبير عن مقصودة بلفظ فصيح راسخة فيه.

[بلاغة الكلام]

هي: مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته، فإذا جاء الكلام فصيحاً، خالياً من التنافر والغرابة ومخالفة القياس الصرفي، بريئاً من التعقيد اللفظي والمعنوي، جارياً على المشهور من آراء النحاة، وكان مناسباً للموضوع الذي يقال فيه ولا حوال السامعين، معبراً عن مشاعر قائله أصدق تعبير، فإنه يعد كلاماً بليغاً، لأن قائله يبلغ به غايته، ويصل إلى مراده من نفوس سامعيه، فيؤثر في نفوسهم، ويسيطر على مشاعرهم، ويملك به أزمة قلوبهم.

استمع إلى قول عمرو بن معد يكرب يوماً كان بين عشيرته وجارتها جرم، وبين بني الحارث بن كعب وحليفتها فهد:

ليس الجمال بمنزرٍ ... فأعلم وإن رديت برداً

أن الجمال معادن ... ومناقب أورثن حمداً

أعددت للحدثان ... سابغة وعداء علندى

نهداً وذا شطب يقـ ... ـد البيض والأبدان قدا

وعلمت أني يوم ذا ... ك منازل كعباً ونهداً

<<  <   >  >>