للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المجاز العقلي]

عرفت مما تقدم أنه لابد في الجملة من مسند ومسند إليه وإسناد حتى تؤدي الجملة معنى من المعاني، وأن الإسناد هو: ضم كلمة أو ما يجري مجراها إلى أخرى بحيث يفيد الحكم بأن مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى أو منفي عنه.

[والإسناد يأتي على ضربين: حقيقي، ومجازي.]

فأما الإسناد الحقيقي: فهو إسناد الفعل أو ما في معناه، كالمصدر، واسم الفاعل ونحوهما مما هو في معنى الفعل إلى ما هو له في الحقيقة، وذلك كما في قولك: (شفى الله المريض) فإسناد الشفاء إلى الله تعالى إسناد حقيقي، لأن الفاعل الحقيقي للشفاء إنما هو الله تعالى، وكذلك تقول في (نصر الله الجيش) و (أنزل الله الغيث).

ويسمى هذا الإسناد: (حقيقة عقلية).

وأما الإسناد المجازي: فهو إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له في الحقيقة.

وذلك كما في قولك: (أنبت الربع البقل) فإسناد الإثبات إلى الربيع إسناد مجازي، لأنه ليس الفاعل الحقيقي للإثبات، وكذلك تقول في (بني الأمير المدينة) لأن الأمير ليس هو الفاعل الحقيقي للبناء، وإنما بنى العمال المدينة بأمر منه.

ويسمى هذا الإسناد: (مجازاً عقلياً).

ولما لم يكن من المستطاع تصوير المجاز العقلي قبل تصوير الحقيقة العقلية قدم البلاغيون بحثهم للحقيقة العقلية بين يدي بحثهم للمجاز العقلي.

وقد عرف الخطيب الحقيقة العقلية بأنها: (إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ما هو له عند المتكلم الظاهر).

وما في معنى الفعل هو: المصدر، واسم الفاعل، واسم المفعول، وظرف الزمان، وظرف المكان، واسم التفضيل.

<<  <   >  >>