وهم أصحاب العلم الظاهر الذين لا نفاذ لهم في العالم الباطن، وليس لهم خشية ولا خشوع، وهؤلاء مذمومون عند السلف.
وكان بعضهم يقول: هَذَا هُوَ العَالِمُ الفَاجِرُ.
وهؤلاء الذين وقفوا مع ظاهر العلم ولم يصل العلم النافع إلى قلوبهم ولا شموا له رائحة، غلبت عليهم الغفلة والقسوة، والإعراض عن الآخرة والتنافس في الدنيا، ومحبة العلو فيها والتقدم بين أهلها.
وقد منعوا إحسان الظن بمن وصل العلم النافع إلى قلبه، فلا يحبونهم ولا يجالسونهم، وربما ذموهم وقالوا: ليسوا بعلماء، وهذا من خداع الشيطان وغروره، ليحرمهم/ الوصول إلى العلم النافع الذي مدحه الله ورسوله، وسلف الأمة وأئمتها.
ولهذا كان علماء الدنيا يبغضون علماء الآخرة، ويسعون في أذاهم جهدهم، كما سعوا في أذى سعيد بن المسيب والحسن وسفيان ومالك وأحمد، وغيرهم من العلماء الربانيين، وذلك لأن علماء الآخرة خلفاء الرسل، وعلماء السوء فيهم شبه من اليهود، وهم أعداء الرسل وقتلة الأنبياء ومن يأمر بالقسط من الناس، وهم أشد الناس عداوة وحسدًا للمؤمنين، ولشدة محبتهم للدنيا لا يعظمون علمًا ولا دينًا، وإنما يعظمون المال والجاه والتقدم عند الملوك.
كما قال بعض الوزراء للحجاج بن أرطاة:"إنَّ لَكَ دِينًا وإِنَّ لَكَ فِقْهًا".
فقال الحجاج:"أَفَلاَ تَقُولُ إِنَّ لَكَ شَرَفًا وإِنَّ لَكَ قَدْرًا".