للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي "السنن" (١)، عن أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه: «مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ، وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةٍ».

التوبةُ والاستغفار تُقبل في جميع آناء الليل والنهار، وفي "صحيح مسلم" (٢) مرفوعًا: «إِنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».

ولكن بعض الأوقات أرجى قبولًا، فَإِذَا وقعت التوبةُ والاستغفار في مظان الإجابة كان أقرب إِلَى حصول المطلوب؛ ولهذا مدح اللَّهُ تعالى المُستغفرين بالأسحار، قال: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (٣)، وقال: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} (٤).

وفي "الصحيح" (٥)، حديثُ النزول، وأنَّ الله يقول كل ليلية حين يبقى ثلثُ الليل الآخر: "هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفَرُ لَهُ، هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ".

قال الفُضيل بن عياض: ما من ليلةٍ اختلط ظلامُها، وأرخى الليل سربال سترها، إلَّا نادى الجليلُ -جلَّ جلاله-: مَن أعظم مني جودًا، والخلائق لي عاصون، وأنا لهم مراقب، أكلؤهم في مضاجعهم كأنَّهم لم يعصوني، وأتولَّى حفظَهم كأنهم لم يُذنبوا فيما بيني وبينهم، أجود بالفضل عَلَى العاصي وأتفضَّل عَلَى المسيء. من ذا الَّذِي دعاني فلم أُلبِّه، أمَّن ذا الَّذِي (سألني) (*) فلم أعطه، أمّن ذا الَّذِي أناخ ببابي فنحيتُه. أنا الفضل ومني الفضل، أنا الجواد ومني الجود، أنا الكريم ومني الكرم، ومِن كرمي (أن) (**) أغفر للعاصي بعد


(١) أخرجه أبو داود (١٥١٤)، والترمذي (٣٥٥٩). وقال الترمذي: هذا حديث كريب، إِنَّمَا نعرفه من حديث أبي نضيرة، وليس إسناده بالقوي.
(٢) برقم (٢٧٥٩) من حديث أبي موسى.
(٣) الذاريات: ١٨.
(٤) آل عمران: ١٧.
(٥) أخرجه البخاري (١١٤٥)، ومسلم (٧٥٨) من حديث أبي هريرة.
(*) يسألني: "نسخة".
(**) أني: "نسخة".

<<  <   >  >>