للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكيف يلذ العيش من كان موقنا ... بأن المنايا بغتة استعاجله

وكيف يلذ العيش من كان موقنا ... بأن إله الخلق لابد سائله

ولبعضهم:

وكيف قرت لأهل العِلْم أعينهم ... أو استلذوا لذيذ النوم أو هجعوا

والموت ينذرهم جهرًا علانية ... لو كان للقوم أسماع لقد سمعوا

والنار ضاحية لابد موردهم ... وليس يدرون من ينجو ومن يقع

فحينئذ فلا عيش يطيب إلا بعد الموت، وهو عيش من أمن من عذاب الله عز وجل، ووصل إِلَى ثوابه، فكذلك سأل برد العيش بعده، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول -لما حفر الخندق، وجهد هو وأصحابه في حفره-:

"اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة" (١)

كان يزيد الرقاشي يقول: أمن أهل الجنة من الموت فطاب لهم العيش، وأمنوا من الأسقام فهنيئًا لهم في جوار الله طول المقام.

وعن وهب قال: أوحى الله تعالى إِلَى عيسى عليه السلام: يا عيسى ما خير عيش عن صاحبه يزول، وما خير لذة لا تدوم؟!

وأنشد بعضهم:

تقضي الدُّنْيَا وتفنى ... والفتى لها معنى

ليس في الدُّنْيَا نعيم ... لا ولا عيش مهنّا

يا غنيا بالدنانير ... محب الله أغنى

ولبعضهم:

إِنَّمَا الدُّنْيَا وإن سرت قليلاً من قليل ... ليس تعد أن تبدُ لك في زيّ جميل


(١) البخاري (٤١٨، ٣٥٨٥، ٣٨٧٢)، ومسلم (١٨٠٥).

<<  <   >  >>