وأما الشوق إِلَى لقاء اللَّه في الدُّنْيَا فهو أعظم لذّة تحصل للعارفين في الدُّنْيَا، فمن أنس باللَّه في الدُّنْيَا واشتاق إِلَى لقائه، فقد فاز بأعظم لذّة يمكن لبشر الوصول إليها في هذه الدار.
كان أبو الدرداء يقول: أَحَبّ الموت اشتياقًا إِلَى ربي عز وجل.
قال أبو عتبة الخولاني: كان إخوانكم، لقاء اللَّه أَحَبّ إليهم من الشهادة.
كان بعضهم يقول: إذا ذكرت القدوم عَلَى اللَّه كنت أشدّ اشتياقًا إِلَى الموت من الظمآن الشديد ظمؤه، في اليوم الحار الشديد حره إِلَى الماء البارد الشديد.
كانت رابعة تقول: قد طالت عليَّ الأيام والليالي بالشوق إِلَى لقاء اللَّه عز وجل.
وبقي فتح بن شخرف ثلاثين سنة لم يرفع رأسه إِلَى السماء، وقال: طال شوقي إليك فعجل قدومي عليك.
وقال بعضهم: أخدموه شوقًا إِلَى لقائه، فإن له يومًا يتجلى فيه لأوليائه.
وأهل الشوق إِلَى الله عَلَى طبقتين:
أحدهما: من يفضي بهم الشوق إِلَى القلق والأرق، ويقل صبرهم عن طلب اللقاء.
كان أبو عبيدة الخواص يمشي في الأسواق ويضرب عَلَى صدره ويقول: واشوقاه إِلَى من يراني ولا أراه.
وعن إبراهيم بن أدهم أنه قال يومًا: اللهم إِن كنت أعطيت أحدًا من المحبين ما سكنت به قلوبهم قبل لقائك، فأعطي ذلك، فلقد أضرّ بي القلق، قال: فنمت فرأيته تعالى في النوم، فوقفني بين يديه، وقال: يا إبراهيم ما استحييت مني، تسألني أن أعطيك ما يسكن به قلبك قبل لقائي؟ وهل يسكن قلب