للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومراده توبيخ من يزين ظاهره بالأعمال، وباطنه خالٍ منها.

ومن زين للَّه جوارحه بالأعمال وقلبه بحقيقة الإيمان، زينه اللَّه في الدُّنْيَا والآخرة كما في الحديث: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَإِنَّمَ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» (١) فمن علم اللًه من قلبه الصدق زينه اللَّه عند عباده، وبالعكس.

وما أحسن قول أبي العتاهية:

إذا المرء لم يلبس ثيابًا من التقى ... تقلب عريانًا وإن كان كاسيا

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "واجعلنا هداة مهتدين".

يعني نهدي غيرنا ونهتدي في أنفسنا. هذه أفضل الدرجات: أن يكون العبد هاديًا مهديًّا.

قال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (٢).

وقال - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه: "لَئِنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرُ النَّعَمِ" (٣) وقال: "من دعى إِلَى هدًى كان له مثل أجر من تبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شىِء" (٤).

ويدخل فيمن دعى إِلَى الهدى من دعى إِلَى التوحيد من الشرك، وإلى السنة من البدعة، وإلى العِلْم من الجهل، وإلى الطاعة من المعصية، وإلى اليقظة من الغفلة، فمن استجيب له إِلَى شيء من هذه الدعوات فله مثل أجر من تبعه.


(١) أخرجه مسلم (٢٥٦٤).
(٢) الأنبياء: ٧٣.
(٣) أخرجه البخاري (٢٨٤٧ - ٣٤٩٨ - ٣٩٧٣)، ومسلم (٢٤٠٦).
(٤) أخرجه مسلم (٢٦٧٤).

<<  <   >  >>