للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي رواية (١): «قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً؟» قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ؟» قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» ".

قيل لبعض السلف: طاب الموت. قال: يا ابن أخي، لا تفعل. لساعة تعيش فيها تستغفر الله خير لك من موت الدهر.

وقيل لشيخ كبير منهم: أتحب الموت؟ قال: لا، قد ذهب الشباب وشره، وجاء الكبر وخيره، فَإِذَا قمت قلت: بسم الله، وإذا قعدت قلت: الحمد الله، فأنا أَحَبّ أن يبقى لي هذا.

وقيل لشيخ آخر: ما بقي منك مما تحب له الحياة؟ قال: البكاء عَلَى الذنوب.

ولهذا كان كثير من السلف يبكي عند موته تأسفًا عَلَى انقطاع أعماله الصالحة.

وكان يزيد الرقاشي يقول عند موته يا يزيد من يصلي لك بعدك ومن يصوم؟ ومن يتوب لك من الذنوب السالفة.

ولهذا يتحسر الموتى عَلَى انقطاع أعمالهم الصالحة.

ففي الترمذي (٢) عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَا أَحَدٍ يَمُوتُ إِلَّا نَدِمَ: إِنْ كَانَ مُحْسِنًا أَنْ لَا يَكُونَ ازْدَادَ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا أَنْ يَكُونَ اسْتعتب».

ورئي بعض الموتى من السلف في المنام، فسُئل عن حاله فَقَالَ: قدمنا عَلَى أمر عظيم، نعلم ولا نعمل وتعملون ولا تعلمون، والله لتسبيحة أو تسبيحتان، أو ركعة أو ركعتان في نسخة عملي أَحَبّ إلي من الدُّنْيَا وما فيها.


(١) أخرجه ابن ماجه (٣٩٢٥)، وأحمد (١/ ١٦٢، ١٦٣) من طريق أبي سلمة عن طلحة بن عبد الله. قال البوصيري في "الزوائد": رجال إسناده ثقات، إلا أنه منقطع. قال علي بن المدينى وابن معين: أبو سلمة لم يسمع من طلحة شيئًا.
(٢) برقم (٢٤٠٣) من طريق يحيى بن عبيد قال: سمعتُ أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول ... فذكره. قال أبو عيسى: هذا حديث إِنَّمَا نعرفه من هذا الوجه، ويحيى بن عبيد الله قد تكلّمَ فيه شعبة، وهو يحيى بن عبيد الله بن موهب، مَدَني.

<<  <   >  >>