للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا القلب السليم هو الَّذِي لا ينفع يوم القيامة سواه، قال تعالى: {لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (١) إذا سلم القلب لم يسكن فيه إلا الرب، في بعض الآثار يقول الله: ما وسعني سمائي ولا أرضي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن (٢).

ساكن في القلب يعمره (٣) ... لست أنساه فأذكره

غاب عن سمعي وعن بصري ... فسويداء القلب تبصره

متى سكن في القلب غير الله، فالله أغنى الأغنياء عن الشرك، وهو لا يرضى بمزاحمة أصنام الهوى.

أردناكم صرفًا فلما مزجتم ... بعدتم بقدر التفاتكم عنا

وقلنا لكم لا تُسكنوا القلب غيرنا ... فأسكنتم الأغيار ما أنتم منا

سلامة الصدور من الرياء والغل، والحسد والغش والحقد، وتطيرها من ذلك أفضل من التطوع بأعمال الجوارح.

قال بعضهم: ما بلغ عندنا من بلغ بكثرة صيام ولا صلاة، ولكن بسلامة الصدور، وسخاوة النفوس والنصيحة.

وكثرة أعمال الجوارح مع تدنس القلب بشيء من هذه الأوصاف لا تزكوا، وهو كزرع في أرض كثيرة الآفات لا يكاد يسلم ما ينبت فيها.

وأما اللسان الصادق: فهو من أعظم المواهب من الله والمنح، وفي الحديث: "أَعْظَمِ الْخَطَايَا اللِّسَانُ الْكَذُوبُ".

وكذلك اللسان الصادق أعظم الحسنات.


(١) الشعراء: ٨٨ - ٨٩.
(٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا ما ذكروه في الإسرائيليات، ليس له إسناد معروف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعناه: وسع قلبه محبتي ومعرفتي. "الفتاوى" (١٨/ ١٢٢).
(٣) المراد سكون محبته والإيمان به والتعلق به في قلب العبد.

<<  <   >  >>