للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أين ابناك؟ فَقَالَ: تركتهما في البيت، والله المستعان. فَقَالَ: قد عفونا عنهما بصدقك!

ومتى طهر اللسان من الكذب، طهر من غيره من الكلام السيئ المحرم، واستقام حال العبد كله، ومتى لم يستقم اللسان فسد حال العبد كله.

وربما يعبر عن صدق اللسان باستقامة المقال كله، كما في قوله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (١) وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} (٢) يريد الثناء عليهم بحق.

وكما تنقسم الأعمال إِلَى صدق وغير صدق -والمراد بالصدق ماله نفع ودوام- فكذلك أقوال الصدق، قد يراد بها ما هو حق له نفع وثبات، وجاء من حديث أنس مرفوعًا: "لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ، حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ" خرجه الإمام أحمد (٣).

ويروى من حديث أبي سعيد رفعه: "إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ، فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فِينَا، فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا" (٤).

وقال مطرف: من صفا عمله صفا لسانه، ومن خلط خُلّط له!

وقال يونس بن عبيد: ما رأيت أحدًا لسانه منه عَلَى بال، إلا رأيت ذلك صلاحًا في سائر عمله.

ومن مراسيل زيد بن أسلم: "ما من عضو من الأعضاء، إلا وهو يشتكي إِلَى الله ما يلقى من اللسان عَلَى حدته".


(١) الشعراء: ٨٤.
(٢) مريم: ٥.
(٣) في "المسند" (٣/ ١٩٨).
(٤) في "الجامع" (٢٤٠٧).

<<  <   >  >>