للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي "صحيح مسلم" (١) عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلاً فِضَّةٍ، لاً يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ».

وفي "صحيح البخاري" (٢) عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ -يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ- ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ"، ثُمَّ تَلاَ: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (٣).

وفيه أيضاً (٤) عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ، يَفِرُّ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَطْلُبُهُ وَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ فَلاَ يَزَالَ يَطْلُبُهُ، حَتَّى يَبْسُطَ يَدَهُ، فَيُلْقِمَهَا فَاهُ".

وفي "صحيح مسلم" (٥) عن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٌ، لَاَ يُفْعَلُ فِيهِ حَقُّهُ، إِلا جَاءَ كَنْزُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، شُجَاعًا أَقْرَعَ، يَتْبَعُهُ فَاتِحًا فَاهُ، فَإِذَا أَتَاهُ فَرَّ مِنْهُ فَيُنَادِيَهُ: خُذْ كَنْزَكَ الَّذِي خَبَّأْتَهُ، فَأَنَا عَنْهُ غَنِيٌّ، فَإِذَا رَأَى أَنْ لاً بُدَّ مِنْهُ، سَلَكَ يَدَهُ فِي فِيهِ فَيَقْضِمَهَا قَضْمَ الْفَحْلِ".

والشجاع: الحية الذكر، والأقرع: الَّذِي قد تمعط شعر فروة رأسه لكثرة سمه.

فلهذا ورد الشرع بالأمر باكتناز ما يبقى نفعه بعد الموت، من الإيمان والأعمال الصالحة والكلمات الطيبة، فإن نفع ذلك يبقى، وبه يحصل الغنى الأكبر.


(١) برقم (٩٨٧).
(٢) برقم (١٤٠٣، ٤٥٦٥).
(٣) آل عمران: ١٨٠.
(٤) برقم (٦٩٥٧).
(٥) برقم (٩٨٨).

<<  <   >  >>