والمقصود هنا شرح الكلمات التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بكنزها، وأشار إِلَى أن نفعها خير من الذهب والفضة، وهي تتضمن طلب العبد من ربه لأهم الأمور الدينية.
فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ" المراد بالأمر: الدين والطاعة.
فسأل الثبات عَلَى الدين إِلَى الممات {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (١) الذين قالوا: ربنا الله كثير، ولكن أهل الاستقامة قليل.
كان عمر يقول في خطبته: "اللهم اعصمنا بحفظك، وثبتنا عَلَى أمرك".
فالاستقامة والثبات، لا قدرة للعبد عليه بنفسه، فلذلك يحتاج أن يسأل ربه.
كان الحسن إذا قرأ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (١) يقول: اللهم أنت ربنا، فارزقنا الاستقامة.
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا ما يقول: «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ».
فقِيلَ لَهُ في ذلك، فَقَالَ: "إِنَّ القَلْبَ بَيْنَ أصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِنْ شَاءَ أَنْ يُقِيمُهُ أَقَامَهُ وإِنَّ شَاءَ أَنْ يُزِيغُهُ أَزَاغَهُ" (٢).
وفي رواية الترمذي (٣): قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ فَقَالَ: "نَعَمْ" ثم ذكر الحديث.
كيف يأمن من قلبه بين أصبعين؟
كيف يطيب عيش من لا يدري بما يختم له؟
(١) فصلت: ٣٠.
(٢) أخرجه أحمد (٦/ ٩١، ٢٥٠)، والنسائي وفي "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" (١١/ ٦٠٥٩) من حديث عائشة.
وأخرجه أحمد (٣/ ١١٢، ٢٥٧)، والترمذي (٢١٤٠)، وابن ماجه (٣٨٣٤)، من حديث أنس. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
وأخرجه الترمذي (٣٥٨٧) من حديث عاصم بن كليب الجَرْمِي عن أبيه عن جده. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
(٣) برقم (٢١٤٠)، وحسنه.