للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي ذلك آثارٌ وأحاديثٌ كثيرة قد ذكرت في "أهوال القبور" في موضع آخر.

وتنزل الملائكة عند موت المؤمن بالبشرى له، ويقال له: لا تخف مما أنت قادمٌ عليه، ولا تحزن عَلَى من خلَّفت من أهلك؛ فإنَّ الله يتكفَّل بهم، فتقرّ عين المؤمن بذلك.

فهذا أحد الأخلاء الثلاثة، وهو الأهل يصلون مع خليلهم إِلَى باب الملك وهو اللَّحد، ثم يرجعون عنه.

وأمَّا الخليل الثاني وهو المال، فيرجع عن صاحبه أولاً ولا يدخل معه قبره، ورجوعه كنايةٌ عن عدم مصاحبته له في قبره ودخوله معه.

وقد فسَّر بعضهم المال الراجع بمن يتبعه من رقيقه، ثم يرجعون مع الأهل فلا ينتفع الميت بشيء من ماله بعد موته، إلا بما كان قدَّمه بين يديه؛ فإنه يقدم عليه وهو داخلٌ في عمله الَّذِي يصحبه في قبره.

فأما ما خلَّفه وتركه، فهو لورثته لا له، وإنَّما كان خازنًا لورثته.

وفي "صحيح مسلم" (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، قَالَ: وَهَلْ لَكَ، يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟.

وفيه أيضاً (٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَقُولُ الْعَبْدُ: مَالِي مَالِي، إِنَّمَا لَهُ مِنْ

مَالِهِ ثَلَاثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى، أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى، أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ ".

وفي "صحيح البخاري" (٣) عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟ قَالُوا: مَا مِنَّا إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ. قَالَ: فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ».


(١) برقم (٢٩٥٨).
(٢) برقم (٢٩٥٩).
(٣) برقم (٦٤٤٢).

<<  <   >  >>