للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصح عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: ما تغنيت ولا تمنيت (١).

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الدف حرام، والمعازف حرام، والكوبة حرام، والمزمار حرام. خرجه البيهقي (٢). وخرج أيضاً (٣)، بإسناد صحيح، عن عائشة "أن بنات أخيها، خفضن (٤) فأَلِمْنَ ذلك. فقِيلَ لَهُا: يا أم المؤمنين، ألا ندعو لهن من يلهيهن؟ قالت: بلى. فأرسلوا إِلَى فلان المغني، فأتاهم، فمرت به عائشة رضي الله عنها في البيت، فرأته يتغنى ويحرك رأسه طربًا -وكان ذا شعر كثير- فقالت عائشة: أُف شيطان، أخرجوه أخرجوه. فأخرجوه، فهذا هو الثابت عن الصحابة رضي الله عنهم. أعني ذم الغناء، وآلات اللهو.

وقد روي ما يُوهم الرخصة عن بعضهم، وليس بمخالف لهذا. فإن الرخصة إِنَّمَا وردت عنهم في إنشاد أشعار الأعراب عَلَى طريق الحداء ونحوه، مما لا محذور فيه، كما خرج البيهقي (٥) من طريق الزهري. قال: قال السائب ابن يزيد: بينا نحن مع عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في طريق الحج، ونحو نؤم مكة اعتزل عبد الرحمن بن عوف الطريق، ثم قال لرباح بن المعترف: غننا يا أبا حسان. وكان يحسن النصب، فبينا رباح يغنيهم أدركهم عمر بن الخطاب في خلافته، فَقَالَ: ما هذا؟! فَقَالَ عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين، ما بأس بهذا؛ نلهو ويُقصر عنا. فَقَالَ عمر رضي الله عنه: فإن كنت آخذًا، فعليك بشعر ضرار بن الخطاب -وضرار رجل من بني محارب بن فهر.

قال البيهقي: والنصب ضرب من أغاني الأعراب، وهو يشبه الحداء. قاله أبو عبيد الهروي.


(١) أخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٤٨٨)، والطبراني في "الكبير" رقم (١٢٤)، وحسن إسناده الجديع حفظه الله.
(٢) أخرجه البيهقي في "الكبير" (١٠/ ٢٢٢).
(٣) في "السنن الكبير" (١٠/ ٢٢٢)، وأخرجه أيضًا البخاري في "الأدب المفرد" (١٢٤٧).
(٤) الخفض للنساء كالختان للرجال "النهاية" (٢/ ٥٤).
(٥) في "السنن الكبير" (١٠/ ٢٢٤).

<<  <   >  >>