للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد تنازع الفقهاء في وصية الأسير، هل هي من رأس ماله أو من ثلثه، ومنهم من فصل بين أن يكون خائفًا أو آمنًا، ومنهم من فصل بين أن يكون عند قوم يعرفون بقتل الأسارى فتكون وصيته من الثلث وبين أن يكون عند من لا يعرف بذلك، فتكون وصيته من رأس المال.

ولو غاب الزوج غيبة منقطعة ولم يترك للزوجة مالا ينفق عليها منه، ولم يبعث لها بمال، وليس بمعسر؛ فمن قال: إنه يثبت له حكم المفقود فحكمه ظاهر.

وأما من لم يثبت له حكم المفقود بذلك، فاختلفوا هل يثبت لها الفسخ لامتناعه؟ عَلَى قولين:

أحدهما: أنه لا فسخ بذلك، وهو ظاهر مذهب الشافعي، وقول القاضي من أصحابنا وابن عقيل في كتاب "الفصول".

والثاني: يثبت به الفسخ كما لو كان معسرًا، وهو قول أبي الخطاب من أصحابنا وابن عقيل في كتاب "المفردات" و"عمدة الأدلة" ورجحه صاحب "المغنى" و"المحرر" ولا فرق عندهم بين أن يكون غائبًا أو حاضرًا إذا تعذر أخذ النفقة منه، وهو ظاهر كلام الخرقي، بل هو ظاهر كلام أحمد، فإنه قال في رواية الميموني: إذا كانت السنة فيمن عجز عن النفقة، وهو مقيم معها أن يفرق بينهما، أليس هذا أقل من أن يكون لا يوصل إليها وهو غائب عنها؟

فبين أحمد أن الغائب إذا لم يوصل إِلَى زوجته النفقة فهي أولى بالفسخ من زوجة العاجز المقيم، وهو اختيار أبي الطيب الطبري من الشافعية.

***

<<  <   >  >>