للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم منهم من يقول: لما ظهرت أمارات موته حكم عليه بحكم الميت واكتفي بذلك، كما يكتفى باشتهار موته بالاستفاضة وشهادة عدلين، ونحو ذلك مما لا يوقف معه عَلَى القطع، وهذا قول كثير من أصحابنا وغيرهم.

ومنهم من يقول: إِنَّمَا فسخ لرفع الضرر الحاصل بحبس الزوجة أبدًا، وهو قول مالك وبعض أصحابنا.

ومنهم من يقول: بل لما جهل بقاؤه جاز التصرف في أهله، وماله موقوف عَلَى إجازته عند ظهوره، كما لو جهل عين رب المال ابتداء كاللقطة ونحوها.

{الأصل الثاني} (١): أن مال المفقود هل يقسم إذا حكم بجواز تزوج زوجته أم لا؟ وفيه قولان:

أحدهما: أنه يقسم بين مستحقيه من الورثة وغيرهم -وهو قول الحسن وقتادة، والزهري وأحمد وإسحاق- لحكمهم بموته ظاهرًا.

والثاني: لا يقسم ماله؛ بل يوقف، وهو قول من يقف الزوجة كما سبق، وقول من يبيح المزوجة النكاح لتضررها بانتظار زوجها أبدًا، كمالك والشافعي في القديم.

والأوّل {هو} (٢) المأثور عن الصحابة -رضي الله عنه- أيضاً.

وروى الإمام أحمد -فيما نقله عنه ابنه صالح- في "مسائله" (٣) ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرني ابن جريج، قال: أخبرني عطاء الخراساني، عن الزهري: "أن عمر وعثمان قالا في امرأة المفقود: تتربص أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرًا، ويقسم ميراثه".

وخرَّج الجوزجاني، من طريق عمر بن هبيرة، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: "إِنَّ امرأة المفقود تستقرض وتنفق؛ فإن جاء زوجها قضى ذلك، وإن لم يأت فهو من نصيبها".


(١) بياض بالأصل والمثبت يناسب السياق.
(٢) في "الأصل": و.
(٣) (٣/ ١٢٠).

<<  <   >  >>