للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذكروا ذلك للحجاج فَقَالَ: بل كان في بيته إلا أن الله طمس أعينهم فلم يروه.

ومتى حصل هذا التعرف الخاص للعبد حصل للعبد معرفة خاصة بربه توجب له الأنس به والحياء منه، وهذه معرفة خاصة غير معرفة المؤمنين العامة.

ومدار العارفين كلهم عَلَى هذه المعرفة وهذا التعرف، وإشاراتهم تومئ إِلَى هذا.

سمع أبو سليمان رجلاً يقول: سهرت البارحة في ذكر النساء، فَقَالَ: ويحك، أما تستحي منه، يراك ساهرًا في ذكر غيره؟! ولكن كيف تستحي ممن لا تعرف؟!.

وقال أحمد بن عاصم الأنطاكي: أَحَبّ ألا أموت حتى أعرف مولاي. وليس معرفته الإقرار به ولكن المعرفة الَّذِي إذا عرفته استحييت منه.

وهذه المعرفة الخاصة والتعرف الخاص [توجب] طمأنينة العبد بربه وثقته به في إنجائه من كل شدة وكرب وتوجب استجابة الرب دعاء عبده.

لما اختفى الحسن البصري من الحجاج قِيلَ لَهُ: لو خرجت من البصرة فإنا نخاف أن يدل عليك، فبكى ثم قال: أخرج من مصري وأهلي وإخواني؟ إن معرفتي بربي وبنعمته عليّ [تدلني] عَلَى أنَّه سينجيي ويخصلني منه إن شاء الله تعالى؟ فما ضرَّه الحجاج بشيء، ولقد كان يكرمه بعد ذلك إكرامًا شديدًا ويحسن ذكره.

وقال رجل لمعروف: ما الَّذِي هيجك عَلَى الانقطاع والعبادة [و] [*] ذكر الموت والبرزخ والجنة والنار؟ فَقَالَ معروف: أى شيء هذا، إن مَلِكًا هذا كله بيده، إن كانت بينك وبينه معرفة كفاك جميع هذا.

ومما يبين هذا ويوضحه الحديث الذي خرجه "الترمذي" (١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم.


(١) برقم (٣٣٨٢) وقال: هنا حديث غريب.
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة : كذا بالمطبوع (و)، ولعل الأليق بالمعنى حذفها، والله أعلم

<<  <   >  >>