للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هناك طَرَفٌ آخَرُ تَطَرَّفَ قال: الأسبابُ مؤثِّرَةٌ بنفْسِها، وهذا هو الَّذي نقولُ: إن في قولِهِ نوعًا من الشِّرْكِ، وليستِ الأسبابُ مؤثِّرَةً بنفْسِها، والدَّليلُ هو نارُ إبراهيمَ.

وعلى كلِّ حالٍ: نحن نُؤْمِنُ بأنَّ للأسبابِ تأثيرًا بما أَوْدَعَه اللهُ فيها من القُوَّةِ المؤثِّرَةِ، وأنَّ هذه القوى قد لا تُؤَثِّرُ إذا أراد اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ الإنسانَ يُجَازَى على كَسْبِه بمثْلِ كَسْبِه؛ لأنَّه إذا كان بما كَسَبَ فلا بدَّ أن يكُونَ على قَدْرِ ما كَسَبَ، فإن كان أَزْيَدَ كان ظُلمًا، واللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يَظْلِمُ أحدًا.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: جوازُ التعبيرِ بالبعضِ عن الكلِّ؛ لقولِهِ: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} مع أنَّه يَشْمَلُ ما كَسَبَه الإنسانُ برِجْلِه كمَشْيِه إلى بيوتِ الدِّعارةِ والخَمْرِ، وما أَشْبَهَ ذلك، فإنَّه يُؤاخَذُ عليه.

فإذا قال قائلٌ: هل كلُّ بعضٍ يَجُوزُ أن يُعَبَّرَ به عن الكُلِّ؟

فالجوابُ: لا، ولكنْ بشَرْطِ أن يَكُونَ لهذا البعضِ تأثيرٌ على الكلِّ، فكسْبُ اليدِ له تأثيرٌ بلا شكٍّ؛ لأن أكثرَ الأعمالِ بها، أَعْتِقُ رَقَبةً، هل المرادُ أن أَضْرِبَ بصفحةٍ رَقَبَةَ العتيقِ وأقولُ: أنتِ أيَّتُها الرَّقبةُ عتيقةٌ؟ الجوابُ: لا، لكنْ عَبَّرَ بالرَّقبةِ عن الكلِّ؛ لأنَّ الإنسانَ لا يُمْكِنُ أن يعيشَ بدونِ رَقَبةٍ؛ ولأنَّ الرَّقَبةَ محلُّ القتْلِ الَّتي إذا فُصِلَتْ عن البَدَنِ هَلَكَ الإنسانُ.

الخُلاصةُ: جوازُ التَّعبيرِ بالبعضِ عن الكلِّ بِشَرْطِ أن يَكونَ له أَثَرٌ فيما عُبِّرَ عنه به.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ اللهَ يَعْفُو عن كثيرٍ من الذُّنوبِ، فلا يُؤَاخِذُ بها؛ لقولِهِ:

<<  <   >  >>