للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خاصٌّ به، أو له وللأمة؟ له وللأمة.

{إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فما هو طلاق المرأة لعدَّتها؟ أن يُطلِّقها طاهرة من غير جِماع، طاهرة من الحيض، ولم يُجامِعها في هذا الطُّهْر، هذا هو طلاقُها لعدَّتها.

فإن طلَّقها وهي حائض فقد عصى اللّه؛ لأنه لم يُطلِّقها للعدَّة، وإن طلَّقها في طُهْرٍ جامَعَها فيه فقد عصى اللّه؛ لأنه لم يُطلِّقها للعِدَّة.

إذا طلَّقها وهي حامل، هل في هذا الطلاق معصية للّه؟ لا؛ لأنه طلَّقها للعِدَّة؛ إذ إن المرأة الحامل بمُجرَّد ما يُطلِّقها زوجُها تبدأ في العِدَّة.

فصار الطلاق المباح: إذا طلَّقها وهي حامل، أو طلَّقها في طُهْرٍ لم يُجامِعها فيه، والطلاق المُحرَّم: أن يُطلِّقها وهي حائض، أو في طُهْرٍ جامَعَها فيه.

فالطلاق أربعة أقسام: وهي حامل، في طُهْرٍ لم يُجامِع فيه، وهي حائض، في طُهْرٍ جامَعَ فيه، اثنان حلال، واثنان حرام.

{وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} يعني: اضبطوها؛ لأن أمر النكاح عظيم، فهو أشد العقود خطرًا، ولذلك جعل اللّه للدخول فيه شروطًا، وللخروج منه شروطًا.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، {لَا تُخْرِجُوهُنَّ} الضمير يعود على النساء المُطلَّقات، فإذا طلَّق الإنسان زوجتَه وجب عليه أن يُبقِيَها في البيت، ولا يجوز أن يُخرِجها منه، وعمل الناس اليوم على خلافه، إذا طلَّقها طردها، وهذا حرام، ومعصية للّه عز وجل؛ بل الواجب أن تبقى في البيت، ولهذا أضاف البيوت إلى النساء؛ كأنَّ بقاءها في البيت حقٌّ لها؛ لأنه بيتُها، فكيف يُخرِجها منه؟ إن أخرجها منه فهو ظالمٌ لها؛ لأن البيت بيتُها، إن أخرجها منها، فهو عاصٍ للّه؛ لأن اللّه قال: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ}.

وإذا أرادت هي أن تخرج؛ كما هي عادة بعض النساء إذا طلَّقها زوجها غضبت، وخرجت هي بنفسها، نقول: لا تخرج، وحرام عليها أن تخرج.

{وَلَا يَخْرُجْنَ} إلى متى؟ إلى انتهاء العدة.

{إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} فلا بأس أن يُخرِجها الزوج، والفاحشة المُبيِّنة فسَّرها كثيرٌ من العلماء: أن تكون بذيئة اللسان، مُؤذيةً له ولأهله، ففي هذه الحال يُعذَر إذا أخرجها من البيت، أما بدون ذلك فحرامٌ عليه أن يُخرِجها.

ثم قال: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} هذا التعليل، تعليل النهي عن إخراجهن وخروجهن {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ

<<  <   >  >>