للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنصارى فيهم؛ لِمَا يجدونَهُ مِن شديدِ الحِقْدِ والغِلِّ عليهم، يكتمونَهُ ويُرَبُّونَ صِغَارَهم عليه، ويُنشِدُونَ الأشعارَ فيه؛ حتى تَمتلِئَ النفوسُ، فيترقَّبُونَ تمكينًا، فإنْ تمكَّنوا، بَغَوْا بغيًا لا يَبْغِيهِ غيرُهم؛ وهذا معروفٌ في كلِّ زَمَن؛ ولهذا لا يمكَّنُون في الدُّوَل والولايات، ومَن مكَّنَهم فلا بد أن يتآمروا عليه إن كانوا قِلَّةً، أو ينقلِبوا عليه إن كانوا كَثْرة.

وقد قال جَبَلةُ بن حَمُّودٍ الصَّدَفيُّ؛ وقد هرَبَ مِن الرافضةِ في الرِّبَاطِ، ونزَلَ القيروانَ، فكُلِّمَ في ذلك؟ فقال: "كنَّا نحرُسُ عَدُوًّا بَيْنَنا وبينَهُ البَحْرُ، والآنَ حَلَّ هذا العَدُوُّ بِسَاحَتِنا؛ وهوأشَدُّ علينا مِن ذلك" (١).

وكان يُنكِرُ على مَن خرَجَ مِن القَيْرَوانِ إلى سُوسَةَ، أو نحوِها مِن الثغورِ، ويقولُ: "جِهَادُ هؤلاءِ أفضَلُ مِن جهادِ أهلِ الشِّرْك" (٢).

* الطاعةُ لأئمَّةِ المسلِمِينَ بالمعروفِ:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَالطَّاعَةُ لِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ؛ مِنْ وُلَاةِ أُمُورِهِمْ، وَعُلَمَائِهِمْ):

تواتَرَتِ النصوصُ في وجوبِ السمعِ والطاعةِ لأئمَّةِ المسلِمِينَ بالمعروفِ، وتحريم الخروجِ عليهم؛ وقد قال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (عَلَى المَرْءِ: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ؛ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ) (٣).


(١) "ترتيب المدارك" (٤/ ٣٧٥)، و"معالم الإيمان" (٢/ ٢٧٢).
(٢) "ترتيب المدارك" (٤/ ٣٧٦)، و"معالم الإيمان" (٢/ ٢٧٢ - ٢٧٣).
(٣) البخاري (٢٩٥٥)، ومسلم (١٨٣٩) من حديث ابن عمر.

<<  <   >  >>