للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحال فالتصقت، فهل على الجاني القصاص أم لا؟ قال أبو بكر في كتاب الخلاف: لا قصاص على الجاني، وعليه حكومة الجراحة، فإن سقطت بعد ذلك بقرب الوقت أو بعده كان القصاص واجبا، لأن سقوطها من غير جناية عليها من جناية الأول، وعليه أن يعيد الصلاة. واحتج بأنها لو بانت لم تلتحم، فلما ردها والتحمت كانت الحياة فيها موجودة، فلهذا سقط القصاص.

وعندي أن على الجاني القصاص، لأن القصاص يجب بالإبانة، وقد أبانها. ولأن هذا الإلصاق مختلف في إقراره عليه، فلا فائدة له فيه، (١) وكذلك ذكر ابن قدامة القولين، ولم يرجح واحدا منهما، وكذلك فعل أبو إسحاق ابن مفلح (٢) وذكر المرداوي وشمس الدين ابن مفلح القولين، واختار قول القاضي انه لا يسق القصاص (٣) واختار البهوتي قول أبي بكر في أنه يسقط القصاص والأرش كلاهما (٤)

القول الراجح في المسألة:

والقول الراجح عندنا ما ذهب إليه الجمهور من المالكية والحنفية والشافعية، وجماعة من الحنابلة أن زرع المجني عليه عضوه لا يسقط القصاص أو الأرش من الجاني، لأن القصاص جزاء للاعتداء الصادر منه، وقد حصل هذا الاعتداء بإبانة العضو، فاستحق المجني عليه القصاص في


(١) . المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين، لأبي يعلى: ٢ /٢٦٧و ٢٦٨.
(٢) . المغني لابن قدامة: ٩/٤٢٢، والشرح الكبير: ٩/٤٣١. والمبدع لابن مفلح:٨/٣٠٩
(٣) . الإنصاف للمرداوي: ١٠/ ١٠٠، والفروع لابن مفلح: ٥/٦٥٥.
(٤) . كشاف القناع للبهوتي: ٥/٦٤١، وشرح منتهى الإرادات: ٣/٢٩٦.

<<  <   >  >>