للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"وإن أعاد سنه بجرارتها، فعادت فطاهرة، وعنه نجسة" (١) ولكن رجح المرداوي الطهارة، وذكر أن عليه الأكثرين، قال رحمه الله: (فإن سقطت سنه فأعادها بجرارتها، فثبتت، فهي طاهرة. هذا المذهب وعليه الجمهور، وقطع به أكثرهم، وعنه أنها نجسة ... وكذا الحكم لو قطع أذنه فأعادها في الحال. قاله في القواعد) (٢) وبهذا القول جزم البهوتي أيضا (٣) وهو مؤيد بما رواه أبو يعلى عن الإمام أحمد رحمه الله برواية الأثر في مسألة القصاص نفسها. قال: "ونقل الأثر عنه في الرجل يقتص منه من أذن أو أنف، فيأخذ المقتص منه فيعيد، بجرارته، فيثبت، هل تكون ميتة؟ فقال: أرجو أن لا يكون به بأس، فقيل له: يعيد سنه؟ قال: أما سن نفسه فلا بأس، وهذا يدل على الطهارة، لأنه بعض من الجملة، فلما كانت الجملة طاهرة كان أبعاضها طاهرة) (٤)

فثبت بما أسلفنا - والحمد لله - أن الراجح في المذاهب الأربعة جميعا: أن الرجل إذا أعاد عضوه المبان إلى محله، فإنه يبقى طاهرا، ولا يحكم بنجاسته، ولا بفساد صلاته، ولا يؤمر بقلعه من هذه الجهة.

فلما ثبت أن إعادة العضو لا يخالف مقتضى القصاص، ولا يستلزم النجاسة، ظهر أنه مباح لا بأس به. والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) . الفروع لابن مفلح: ١/ ٣٧٠.
(٢) . الإنصاف للمرداوي: ١/ ٤٨٩.
(٣) . شرح منتهى الإرادات: ١/ ١٥٥.
(٤) . كتاب الروايتين والوجهين: ١/ ٢٠٢.

<<  <   >  >>