فالمسألة المطروحة أمامنا: هل يجوز في الشريعة الإسلامية أن تعتبر هذه الحقوق أموالا يصح بيعها وشراؤها، أو الاعتياض عنها بصورة من الصور المشروعة، أم لا يجوز ذلك؟
ولم تكن المسألة في عهد الفقهاء القدامى بهذا الشكل الواسع، فمن الطبيعي أن لا يوجد في كتبهم جواب خاص عن جزئياتها الموجودة في عصرنا، غير أنهم تحدثوا عن كثير من الحقوق ومسألة الاعتياض عنها حسب ما كان موجودا أو متصورا في عصرهم، فمنهم من منع الاعتياض عن الحقوق المجردة، ومنهم من أجاز بعض الأنواع منها. ولو استقصينا ما كتبه الفقهاء في هذا الباب لوجدنا أن أنواع الحقوق كثيرة، وعبارات الفقهاء فيها مختلفة، ولم أظفر بعد بكلمة جامعة تشمل جميع أنواع الحقوق، ويوضح الضابط الذي يمكن أن تبنى عليه المسائل في الموضوع، فنحتاج أن نستخرج الضوابط في هذا الباب من دلائل القرآن والسنة، والجزئيات المبعثرة في كتب الفقه التي يمكن أن تصير نظائر لما نحن بصدده، ونسأل الله تعالى أن يسدد خطانا ويشرح صدورنا بما فيه حق وصواب حسب ما يرضاه سبحانه وتعالى، وهو الموفق والمعين. والذي يتحصل من استقراء الحقوق التي تحدث الفقهاء عن الاعتياض عنها، أنها تنقسم إلى نوعين:
١- الحقوق الشرعية، وهي التي ثبتت من قبل الشارع، ولا مدخل في ثبوتها للقياس.
٢- الحقوق العرفية، وهي التي ثبتت بحكم العرف، وأقره الشرع. ثم كل واحد من هذين النوعين ينقسم إلى قسمين: