للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي عصر هذا اليوم، مات الجمالي محمد بن أحمد بن أحمد البوني، وصلي عليه بعد صبح يوم الخميس عند باب الكعبة، ودفن بالمعلاة عند أم سليمان المستأجر معه، وشيعه خلق كثير منهم القضاة الثلاثة، والفقهاء، والعوام، ولم يسبق له وجع، بل أكل في صبح يوم الثلاثاء الذي قبل موته، موزة وبعض من جذاية، فتقيأ في الحال دما، ومشى بطنه أيضا، ويبست أعضاؤه، وأسكت واستمر يومه وثانيه إلى أن إنعلّ، وإيانا، وعفا عنا أجمعين.

وفي صبح يوم الإثنين، تاسع عشر الشهر، وصل للقاضي الشافعي ورقة فيما أخبر به من السيد هزاع، وصلت إلى السيد بركات، وأرسلها له، ذكر فيها، أنه وصل قصاد من مصلا، ووصلوا برسوم وأوراق من القاضي كاتب السر، وعنقا وأحمد بن نصر، وأخبروا بقتل السلطان الملك الناصر محمد بن السلطان الملك الأشرف قايتباي (١)، قتله الدوادار الثاني طومان باي، ونودي في البلاد بالسلطنة للسلطان قانصوه خمسمائة، فلم يظهر، فتولى خال السلطان الدوادار الكبير قانصوه، وتولى الدوادار الثاني (٢) دوادار كبير.

فلما كان في يوم الخميس، ثاني عشري الشهر، وصل قاصد من مصر خرج بعد أولئك بأيام، وهو صبي السيد عنقا أرسله هو، فلحق القصاد الأولين بينبع، وكأنهم مقيمين بها لأجل ما يأخذونه من البشارة من صاحب ينبع، والله أعلم، ومع


(١) كان قتل الملك الناصر في يوم الأربعاء بعد العصر خامس عشرة ربيع الأول من سنة ٩٠٤ هـ قتل بأرض الطالبية، وقد نسبت قتلته إلى بعض الأمراء من مماليك أبيه. ابن إياس: بدائع الزهور ٣/ ٤٠٢. ابن طولون: مفاكهة الخلان في حوادث الزمان ١/ ٢٠٥.
(٢) الدوادار الثاني: هو طومان باي، أخلع عليه قانصوه خال السلطان وأقره في الدوادارية الكبرى. ابن إياس: بدائع الزهور ٣/ ٤٠١، ٤٠٥.