للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي آخر يوم السبت [وصل] (١) السيد أبو نمى بن السيد بركات بن محمد بن بركات إلى مكة المشرفة ومعه الشريف عرار بن عجل النموي، ووصل للباش بعض كتب، وقالوا وصل في أول النهار لقاضي القضاة الشافعي كتاب من نائب كاتب السر القاضي شهاب الدين بن يحيى بن الجيعان، وفيه أن القاضي جمال الدين محمد بن المالكي مات، وفي هذا الكتاب أو كتب غيره أنه جعل عليه خمسمائة دينار فاستكثرها ثم نزل في تحصيلها فقدرت ففاته بل سلمها ولبس عند السلطان ونزل معه بعض الفقهاء والقضاة والمباشرين، وممن يقال أنه مات عيال الشيخ نور الدين علي بن الطروي الشاهد وولد له، والشريف أبو بكر بن حسين الطيبي، ومحمد ابن الفران الذي كان يغني، وفيها أن الفصل وصل كل يوم لسبعمائة وعشرة، وأظن في كتاب القاضي أنكم تنظرون من يصلح للقاضي ويعين شيئا للسلطان وشيئا للقاضي كاتب السر، أو تكتبون لنا بذلك نرسل له الوظيفة، فتحرك لذلك القاضي جلال الدين أبي السعادات بن أبي العباس بن عبد المعطي، وقالوا أنه عين مائة للسلطان وخمسين لكاتب السر، ثم قالوا أنه عين ثلثمائة، وسمعنا أن الإمام عبد الحق (٢) النويري سمع بذلك فكتب لبعض أصحابه من خدام القلعة أنه مهما وزن المذكور يزيد عنه خمسين إلى أن يصل لخمسمائة (٣)، والله أعلم بصحة ذلك، والذي يقدره الله تعالى يكون. ووصل من جدة


(١) وردت الكلمة في الأصل "وصلي" والتعديل من (ب) وهو الصواب لسياق المعنى.
(٢) هو القاضي المالكي الزيني عبد الحق النويري، ابدع في علم الفقه واللغة واعتبر من الأدباء اللغويين، ارتفعت مكانته عندما وصل مرسوم بولايته لقضاء المالكية عام ٩٢٥ هـ. انظر: جار الله ابن فهد، نيل المنى، ص ٥٠.
(٣) يشير المصنف إلى عادة شاعت في ذلك العصر "وهي تدل على فساد الحكم" وهي انتشار الرشوة في تولي الوظائف، وكان لكل وظيفة سعر خاص يبذل في الحصول عليها، وعندما يتنازع أكثر من واحد على وظيفة يعين السلطان أو نائبه من يدفع أكثر حتى بلغ من شدة الاعتراف بهذه الظاهرة أن مبلغ الرشوة كان يكتب في صك، بل كان أحيانا يقسط على -