الحال الثالثة: المتوفَّى عنها زوجها: لا نفقةَ لها ولا سكنى؛ ويدلُّ على ذلك قولُ الله ﷻ: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النِّسَاء: ١٢]، ولو قُلْنا: إن النفقةَ تجبُ لها، لكان لها أكثرُ من الرُّبع، وأكثر من الثُّمن.
مسألةٌ: إذا نشَزتِ المرأة فإن نفقتَها تسقط؛ والنشوز: هو أن تمتنع الزَّوجة من بذلِ حقِّ الزَّوج؛ إذ لا تستحق النفقة لعدم بذلها المعوض.
مسألةٌ: إذا شرعت الزَّوجة بحجٍّ أو صومٍ واجبين بلا إذن الزَّوج، فإن النفقةَ لا تسقط في هذه الحال؛ لأن الشرع أذن لها في أداء ما عليها من واجب، وأما غير الواجب لا بد من إذن الزوج.
مسألةٌ: إذا لم ينفق الزوج مدة، ثم طالبته الزوجة، فالنفقةَ تسقط بمضيِّ الزمان؛ لحديث عائشةَ ﵂ في قصة هند؛ فإن هندًا أتت النبيَّ ﷺ، وذكَرتْ له أن أبا سفيان رجُلٌ شحيح، وأنه لا يعطيها من النفقة ما يكفيها وبَنِيها، فقال النبي ﷺ:«خُذِي ما يكفيكِ وولَدَكِ بالمعروف»، ولم يَفرِضْ لها النبيُّ ﷺ نفقةَ ما مضى؛ وهذا القول هو الصواب، والله أعلم.
لكن إن قَدَرَت على شيء من ماله، فلها أن تأخذ قدر النفقة بالمعروف، وإن استدانت للنفقة رجعت عليه في قضاء الدين.
مسألةٌ: إذا غاب الزَّوج ولم يدَعْ لزوجته نفقةً، فهل يحقُّ للزوجة الفسخ؟
إذا غاب الزَّوج، فله أربعُ أحوال:
الأولى: أن يدَعَ لها نفقة؛ فليس لها حقُّ الفسخ.
الثانية: أن تتمكن من أخذِ النفقة من ماله؛ فليس لها حق الفسخ.