للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو يوسف فأتى مالك أمير المؤمنين فقرّبه وأكرمه فلما جلس أقبل عليه أبو يوسف فسأله عن مسألة فلم يجبه ثم عاد فسأله فلم يجبه فقال أمير المؤمنين يا أبا عبد الله هذا قاضينا يعقوب يسألك، فأقبل عليه مالك فقال: يا هذا إذا رأيتني جلست لأهل الباطل فتعال أجبك معهم.

قال قتيبة: كنا إذا أتينا مالكا خرج إلينا مزينا مكحلا مطيبا قد لبس من أحسن ثيابه فتصدر ودعا بالمراوح فأعطى كل إنسان مروحة قال ابن سعد: حدثني محمد بن عمر قال: كان مالك يأتي المسجد ليشهد الصلوات والجنائز ويعود المرضى ويقضي الحقوق ويجلس في المسجد ثم يترك الجلوس فيه فكان يصلي وينصرف وترك شهود الجنائز فكان يأتي أصحابه فيعزيهم ثم ترك ذلك كله والصلاة في المسجد والجمعة واحتمل الناس ذلك كله فكانوا أرغب ما كانوا فيه وأشد له تعظيما وكان ربما كلم في ذلك فيقول: ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره، وكان يجلس في منزله على ضجاع له ونمارق مطروحة يمنة ويسرة لمن يأتيه. وكان مجلسه مجلس وقار وحلم وعلم، وكان رجلا مهيبا نبيلا ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ولا رفع الصوت، وكان الغرباء يسألونه عن الحديث فلا يجيب إلا في الحديث بعد الحديث وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه، وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له حبيب يقرأ للجماعة، فليس أحد ممن يحضره يدنو ولا ينظر في كتابه ولا يستفهم هيبة لمالك وإجلالًا وكان إذا أخطأ حبيب فتح عليه مالك.

مطرف بن عبد الله سمعت مالكا يقول: الدنو من الباطل هلكة، والقول بالباطل بعد عن الحق، ولا خير في شيء وإن كثر من الدنيا بفساد دين المرء ومروءته.

حرملة نا ابن وهب: قال لي مالك: العلم ينقص ولا يزيد ولم يزل ينقص بعد الأنبياء والكتب. عبد الله بن يوسف سمعت مالكا يقول: ما أدركت فقهاء بلدنا إلا وهم يلبسون الثياب الحسان. مصعب الزبيري قال سأل هارون مالكًا وهو في منزله ومعه بنوه أن يقرأ عليهم فقال: ما قرأت على أحد منذ زمان وإنما يقرأ عليّ فقال هارون: أخرج الناس عني حتى أقرأ أنا عليك فقال: إذا منع العام لبعض الخاص لم ينتفع الخاص وأمر معن بن عيسى فقرأ.

قال إسماعيل بن أبي أويس كان خالي مالك لا يفتي حتى يقول لا حول ولا قوة إلا بالله. إسماعيل القاضي سمعت أبا مصعب: لم يشهد مالك الجماعة خمسًا وعشرين سنة, فقيل له: ما يمنعك؟ قال: مخافة أن أرى منكرا فاحتاج أن أغيره. سمعها أبو بكر الشافعي من إسماعيل قال مطرف قال لي مالك: ما يقول الناس فيّ؟ قلت: أما الصديق فيثني وأما العدو فيقع، قال: ما زال الناس كذلك ولكن نعوذ بالله من تتابع الألسنة كلها. ابن وهب حججت سنة ثمان وأربعين وصائح يصيح: لا يفتي الناس إلا مالك وعبد العزيز

<<  <  ج: ص:  >  >>