المالكي المصري، فأدناه وقربه إليه وولاه على
ولاية الجزية في سائر بلاده، ولقبه بملك المحدثين وهو أول من لقب بها أحداً في بلاد الهند، ووفد
عليه العلامة مجد الدين محمد بن محمد الايجي، فولاه على تعليم ابنه مظفر شاه، ولقبه برشيد الملك،
ووفد عليه أبو القاسم بن أحمد بن محمد الشافعي المعروف بابن فهد ومعه فتح الباري بخط أبيه
وعميه، ووفد عليه العلامة هبة الله بن عطاء الله الشيرازي وخلق كثير من العلماء.
وصنف له عبد الكريم بن عطاء الله الشيرازي طبقات محمود شاهي وشمس الدين محمد الشيرازي
مآثر محمود شاهي والشيخ يوسف بن أحمد ابن محمد بن عثمان الحسيني منظر الإنسان ترجمة
تاريخ ابن خلكان بالفارسية.
وكان غاية في العفة والحياء حسن الأخلاق عظيم الهمة كريم السجية شريف النفس كثير البر
والإحسان، ذكره الكجراتي في مرآة سنكدري، والحضرمي في النور السافر، والآصفي في ظفر
الواله، وكلهم أطالوا في مناقبه وفضائله.
قال الآصفي: إنه في سنة ست عشرة وتسعمائة توجه إلى نهرواله بثن، وزار أئمة الدين بها أحياء
وأمواتاً، وعقد مجلساً خاصاً لمذاكرة التفسير والحديث، وأكثر من الجوائز وأعمال البر والوظائف،
والتمس الدعاء، ورجع منها إلى سركهيج، ومكث بها يتردد لزيارة قبر الشيخ شهاب الدين مولانا
الشيخ أحمد قدس سره، وعمل بها خيراً كثيراً.
وكان أنشأ لمضجعه قبة متصلة بصحن الروضة المباركة بجانب قدمه يتعهدها أحياناً، وفي هذه
النوبة فتح القبر وجلس عنده وقال: أللهم! إن هذا أول منازل الآخرة فسهله واجعله من رياض الجنة،
ثم ملأه فضة وتصدق بها، قال الآصفي: وفي سنة سبع عشرة شكى ضعفاً، فاستحضر ولده مظفراً
وكان ببروده، وأسند الوصية إليه، فعوفي فرجع مظفر إلى بروده، ثم شكى الضعف وفي أثنائه بلغ
من وجيه الملك خبر وصول حاجب سلطان العجم شاه إسماعيل الصفوي إلى القرب من حده، فأمر
بالكتاب إلى الأمير بالحد فيما يجب من رعايته وهكذا إلى العمال على طريقه إلى أن يصل دار
الملك، ثم أمر بطلب مظفر وقبل وصوله بساعة فلكية فارق الدنيا، وقدم مظفر في الساعة الثانية من
ليلة الثلاثاء، وحمل تابوته إلى سركهيج حين انفلق الصبح، انتهى.
وكانت وفاته عصر يوم الاثنين ثاني شهر رمضان سنة سبع عشرة وتسعمائة وله ثمان وستون سنة،
ومدة سلطنته خمس وخمسون سنة، اتفق عليها أهل الأخبار كلهم.
السيد محمود بن محمد الجونبوري
الشيخ الفاضل محمود بن محمد بن يوسف الحسيني الجونبوري ثم الكجراتي كان أكبر أخلاف أبيه
ومن دعاة مذهبه، وكان لقبه في أهل مذهبه الخليفة الأول وثاني المهدي، وهو ولد ونشأ بمدينة
جونبور وسافر مع أبيه ولازمه في الظعن والإقامة وأخذ عنه، وقام بالدعوة بعده إلى الترك والتجريد
والزهد والقناعة، وأقام بقراه سنة بعد وفاة والده، ثم رجع إلى كجرات واعتزل في قرية بهيلوث
بقرب رادهن بور، توفي لأربع خلون من رمضان سنة تسع عشرة وتسعمائة وله خمسون سنة، كما
في تاريخ بالنبور.
الشيخ محمود بن محمود الكجراتي
الشيخ الفاضل العلامة محمود بن محمود العباسي الحكيم شهاب الدين بن شمس الدين السندي ثم
الكجراتي أحد كبار العلماء، ذكره عبد القادر الحضرمي في النور السافر، قال: إنه كان آية الحكمة
والمعالجات، وحكى أن بعض السلاطين أهدى إلى السلطان محمود صاحب كجرات أشياء نفيسة من
جملتها جارية وصيفة، فأعطاها السلطان بعض الوزراء، فاتفق أن الحكيم المذكور جس نبضها قبل
أن يمسها ذلك الوزير فحذره عن ذلك وقال: إن من يجامعها سيموت، فأرادوا تجربته في ذلك فجازا
بعبد وأدخلوه عليها فمات لوقته، فازداد تعجب الوزير لذلك وسأل عن السبب فيه فقال: إنهم أطعموا
أمها في حملها بها أشياء أورثت ذلك وأن مهديها قصد هلاك السلطان، قال الحضرمي: فلله دره من
طيب ما أحذقه: وكانت