أن المسعوديَّ اختلطَ ببغدادَ. ومَن سمع منه بالكوفةِ والبصرةِ، فسماعُهُ جيدٌ (العلل رواية ابنه عبد الله ٥٧٥)، وعبد الله بن يزيد المقرئ بصري، وأقرأ فيها ستًّا وثلاثين سنة، بل قال أحمد رحمه الله:"حدثنا أبو عبد الرحمن قال: سمعتُ من المسعوديِّ إما ثماني وإما سبعًا وأربعين، ولا أعلم أني رأيته بعد سنة ثنتين وخمسين"(العلل ٦٠٢٤)، وهذا نصٌّ قاطعٌ في سماع المقرئ من المسعودي قبل الاختلاطِ، فقد نصَّ أبو حاتم أنه تغيَّرَ بأَخَرَةٍ قبل موته بسنة أو سنتين (الجرح والتعديل ٥/ ٢٥١ - ٢٥٢).
قلنا: وثَمَّ شيءٌ آخر يُعَلُّ به حديث المسعودي، وذلك أنه كان يغلطُ فيما يَروي عن عاصمٍ، وسلمة، والأعمش، والصغار، يُخطئُ في ذلك. ويصحح له ما روى عن القاسم، ومعن، وشيوخه الكبار. قاله ابنُ معينٍ، وغيرُهُ. انظر (تهذيب الكمال ١٧/ ٢٢٣ - ٢٢٥).
العلة الثانية: أن الحديثَ قد اختُلِفَ فيه على مجاهدٍ اختلافًا كبيرًا. انظر (العلل للدارقطني ١١١٥، ١٥٤١).
والمحفوظُ هو ما رواه الأعمشُ عن مجاهدٍ عن عُبيدِ بنِ عُميرٍ عن أبي ذر، كما أخرجه أحمدُ في (مسنده ٢١٣١٤) -وعنه الخلالُ في (السنة ١١٧٨) -، وابنُ أبي شيبةَ في (مسنده) كما في (إتحاف الخيرة المهرة ٦٣٥٦/ ٥)، والدارميُّ في (مسنده ٢٥١٠)، والسراجُ في (حديثه ومسنده)، وابنُ حِبَّانَ في (صحيحه ٦٤٦٢)، وابنُ عبدِ البرِّ في (تمهيده)، وغيرهم، من طريق أبي عوانة.
ورواه أبو داود في (سننه ٤٨٩)، وإسحاقُ بنُ راهويه في (مسنده ٨٦٨) -ومن طريقه: أبو نعيم في (الحلية ٣/ ٢٧٧) -، ويحيى بنُ صاعدٍ في (زوائده على الزهد لابن المبارك ١٠٦٩)، وغيرهم، من طريق جرير بن