فالإنصافُ في أمره تَرْكُ الاحتجاجِ بما انْفَردَ، والاعتبارُ بما لم يخالفِ الثقاتِ، والاحتجاجُ بما وافقَ الأثبات))، انظر:(تهذيب التهذيب ٩/ ١٥٥)، وقال الحافظ:((صدوقٌ سَيِّئُ الحفظِ)) (التقريب ٥٨٧٠).
قلنا: وقد أُخِذَ عليه الخطأُ ومخالفةُ الثقاتِ في غيرِ مَا حديثٍ، وهو هنا قد خالفَ الثقات الذين رووه عن مَعْمَرٍ وهم: عبدُ الرزاقِ، وعبدُ الواحدِ، ويزيدُ بن زُرَيْع، وغيرُهم، رووه كلُّهم عن مَعْمَرٍ، ولم يذكر واحدٌ منهم قوله:((أُهْرِيقَ))، وإنما ذكروا في مَتْنِهِ ما يخالُف هذا، وملخصه: أنه إِن كان مائِعًا يُنْتَفَعُ به في غيرِ الأَكْلِ، وقد سبقتْ رواياتُهم، فانظرها فيما سبق.
قال ابنُ الملقن:((هذا الحديثُ مشهورٌ إِلَّا اللَّفظةَ الأخيرةَ، وهي ((فَأَرِيقُوهُ))، فلم أرها في كُتِبِ الحديثِ، وقال الخَطَّابِي: إنها جاءتْ في بعضِ الأَخْبَارِ)) (البدر المنير ٦/ ٤٤٤ - ٤٤٥).
وقال ابنُ حَجَرٍ:((قوله: ((فَأَريقُوهُ)). ذكر الخطابي أنها جاءتْ في بعضِ الأخبار ولم يسندها، وأصلُه في (صحيحِ البخاريِّ) ولفظُهُ: ((خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوا سَمْنَكُمْ))، وفي لفظٍ:((أَلْقُوهَا)))) (التلخيص الحبير ٣/ ٨).
وقال في (موافقة الخبر الخبر ١/ ١٥٣): ((تعبير المصنف -أيِ: ابنِ الحَاجبِ- بالإرَاقَةِ؛ لم أَرَهُ في شيءٍ من طُرُقِ الحديثِ، بل وقعَ في بعضِ طُرُقِهِ ما يَخَالِفه)).
[تنبيهات]:
الأولُ: ذَكَرَ ابنُ الملقن أنَّ أبا داود روى الحديثَ بلفظِ: ((وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَأَرِيقُوهُ))، (البدر المنير ٦/ ٤٤٥ - ٤٤٦).
قلنا: والذي في السنن: ((وَلَا تَقْرَبُوهُ))، ولعلَّ ذلك سبقُ قلمٍ من ابنِ الملقن