فصل: فإن قَالَ قائل: هِل تعين فرض حفظ جميع القرآن عَلَى أعيان جماعة المكلفين أم لا؟ والجواب: إنه لم يتوجه ذَلِكَ عَلَى كل واحد منهم فرضا، وذَلِكَ لأن الله عزَّ وجلَّ أرأف بعباده من أن يكلفهم ما لا طاقة لعامتهم بِهِ، وقد قَالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:«بعثت بالحنيفية السهلة السمحة» فلو كلفوا عَلَى العموم لعجز الأكثر عَنْهُ لأن القرآن أعظم شأنا وأمنع جانبا من أن يتأتى حفظه لكل إنسان، أو يتسر بكل لسان، أو ينطلق بِهِ، أو يطيقه كل أحد، أو يحيط بِهِ كل حفظ، أو يحويه كل فهم، أو يعيه كل قلب، أو يسترسل لَهُ كل طبع، أو يحتمله كل سن، ألَّا ترى أن الجزء الَّذِي منه توجه فرضه عَلَى كل