شَرِيكَ لَكَ لَبَّيكَ إِن اَلْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ وَالملك لا شَرِيكَ لَك) .
ولا يزَالُ هَذَا الذِّكرُ وتوابعُه حتَّى يَفْرُغ، ولهذَا قال جابرٌ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: «فَأَهَل رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بالتَّوحِيدِ» ؛ لأن قول الملبي: (لَبَّيكَ اَللَّهُمَّ لَبَّيكَ) الْتزامٌ لِعبُودية ربِّهِ وتكرير لهَذَا الالتِزَام بطمأنِينَةِ نَفْسٍ وانْشِرَاحِ صَدْرٍ.
ثمَّ إِثبات جميع المحامِدِ وأَنواعِ الثُّناءِ، والملَّكِ العظيمِ للَّه تَعَالى، ونَفْي الشَّريكِ عَنهُ في أُلوهيته ورُبوبيته وحمده وملكه هذا حقيقةُ التَّوحِيدِ، وهو حَقِيقَةُ المحبَّةِ؛ لأَنه اسْتِزَارَةُ المحبِّ لأحبَابِه وَإِيفَادهمْ إِلَيهِ ليَحْظَوا بالوُصُولِ إِلَى بيتِه ويتمتَّعُوا بِالتَّنَوُّعِ في عُبُوديتهِ وَالذُّلّ له والانكِسَارِ بين يَدَيهِ، وسُؤَالهم جَمِيعَ مَطَالِبِهم وحَاجَاتِهِم الدِّينيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّة في تِلكَ اَلْمَشَاعِر العِظَام والمواقِفِ الكرَامِ؛ لِيُجزِلَ لهم من قِرَاهُ وكَرَمِه مالا عَيْنٌ رَأَتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ على قَلبِ بَشَرٍ. وَلِيَحُط عنهم خَطَايَاهُم ويرجعهم كَما وَلَدَتْهُم أُمَّهَاتهمْ، وَالْحَجّ المبرورُ لَيسَ لَهُ جَزَاء إِلا الجنَّة. ولتحققِ مَحَبَّتهمْ لربِّهم بِإنْفَاق نَفَائِسِ أَمْوَالِهِم، وبَذلِ مُهَجِهِم بالوُصُولِ إلَى بَلَدٍ لم يَكُونُوا بالِغِيه إلا بِشِقِّ الأَنفُسِ.
فأفضَلُ مَا أُنفِقَتْ فِيهِ الأَمْوَالُ، وأعظَمُه عَائِدةً، وأكثره فَوَائِد إِنفَاقهَا في الوُصُولِ إِلَى المحبُوبِ وإلَى مَا يحبُّه المحبُوبُ، ومَعَ هذا فَقْد وَعَدَهُم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute