للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتعليم الناس بعضهم بعضا القرآن واجب لان فى ذلك التبليغ عن الله تعالى انتهى كلام العينى ملخصا (اقول) وقد عقد الامام الحافظ ابو جعفر الطحاوى للاستئجار على تعليم القرآن بابا فى كتابه مجمع الآثار وذكر فيه الادلة من الجانبين وكذا شارحه الامام ابو الفضل بن نصر الدهستانى وذكر من جملة الأدلة لنا بسنده الى عثمان بن ابي العاص رضى الله تعالى عنه انه قل قل لى رسول الله (اتخذ مؤذنا لا يأخذ على اذانه اجرا) قال فكره رسول الله الاذان بالاجر * ثم ذكر بسنده الى ابن عمر رضى الله تعالى عنهما ان رجلا قال له انى احبك في الله فقال له ابن عمر رضى الله تعالى عنهما لكنى ابغضك في الله لانك تبغى فى اذانك اجرا او تأخذ على الاذان اجرا * قال فقد ثبت بما ذكرناه كراهية الاجرة على الاذان والاستجعال على تعليم القرآن كذلك وقال ولو أن رجلا استأجر رجلا ليصلى على ولى له قد مات لم يجز ذلك لانه استأجره على ان يفعل ما عليه ان يفعله فكذلك تعليم القرآن فالاجارة باطلة لان الاجارات انما تجوز وتملك بها الابدال فيما يفعله المستأجرون للمستأجرين * والآثار الاول (أي التى استدل بها الشافعى على جواز التعليم) لم يكن الجعل المذكور فيها على تعليم القرآن وانما كان على الرقى التي لم يقصد بالاستئجار عليها الى القرآن * الى ان قال ومن استجعل جعلا على عمل يعمله فيما افترض الله تعالى عليه عمله فذلك عليه حرام لانه انما يعمله لنفسه ليؤدى به فرضا عليه ومن استجعل جعلا على عمل يعمله لغيره من رقية او غيرها وان كانت بقرآن او علاج او بما اشبه ذلك فذلك جائز والاستجعال عليه حلال فيصح بما ذكرنا ما قد روى عن رسول الله في هذا الباب من النهى ومن الاباحة ولا يتضاد ذلك فيتنافى وهذا كله قول ابى حنيفة وابى يوسف ومحمد رحمة الله تعالى عليهم انتهى * والمراد بالكراهية عدم الجواز وعدم الصحة كما صرح به فى الهداية وغيرها ولذا قال هنا فالاجارة باطلة * والمراد بقوله من رقية او غيرها اى من الاعمال التي يعملها لغيره وليست بطاعة يراد بها الثواب بدليل جعله مقابلا لما ذكره قبله من عدم الجواز فى الاذان والتعليم وما افترضه الله تعالى والا لزم التناقض فى كلام هذا الامام الجليل لان قوله او غيرها لوجل على ما عدا الرقية من الاعمال مطلقا لشمل الاذان ونحوه ولشمل ايضا نحو الحج والعمرة والاعتكاف والصوم والصلاة الغير الواجبات مع انه لا قائل بجواز اخذ المال على شيء منها لا من المتقدمين ولا من المتأخرين ولزم بقاء التنافى بين الآثار مع ان مراده التوفيق

<<  <   >  >>