وابن حجر ويدل عليه أن صاحب الخلاصة صوره في الرافضي فإن الرافضي يستحل ذلك ولاشك أن الشتم واللعن محرمان وأدنى مراتبهما أنهما غيبة والغيبة محرمة بنص القرآن فيكون قد استحل ما جاء القرآن بتحريمه وإيضًا انعقد اجماع أهل السنة والجماعة الذين هم أهل الإجماع على حرمة سب الشيخين ولعنهما وصار ذلك مشهورًا بحيث لا يخفى على أحد من خواصهم وعوامهم فيكون معلومًا من الدين بالضرورة كحرمة الزنا وشرب الخمر ولاشك في كفر مستحل ذلك وعلى هذا فالذي يظهر أنه لا فرق بين سب الشيخين أو غيرهما ممن علم كونه من الصحابة قطعا كما لو كان السب لجملة الصحابة رضى الله تعالى عنهم ولكن ينبغى تقييده بما إذا لم يكن السب عن تأويل كسب الخوارج لعلي رضي الله تعالى عنه بناء على ما هو المشهور من عدم تكفير أهل البدع لبناء بدعتهم على شبهة دليل وتأويل ويدل عليه ما في متن المختار وشرحه المسمى بالاختيار حيث قال فصل الخوارج والبغاة مسلمون قال الله تعالى ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ وقال علي رضى الله تعالى عنه إخواننا بغوا علينا وكل بدعة تخالف دليلًا يوجب العلم والعمل به قطعا فهى كفر وكل بدعة لا تخالف ذلك وإنما تخالف دليلًا يوجب العمل ظاهرًا فهى بدعة وضلال وليس بكفر واتفق الأئمة على تضليل أهل البدع أجمع وتخطئتهم* وسب أحد من الصحابة وبغضه لا يكون كفرا لكن يضلل فإن عليا رضى الله تعالى عنه لم يكفر شاتمة حتى لم يقتله انتهى وسيأتي قريبا في كلام الفتح بيان قوله لم يكفر شاتمة الخ* ففى هذا الكلام الجزم بعدم كفر الخوارج ودلالة صريحة على أن السب إذا كان عن تأويل ولو فاسدًا لا يكفر به وعلى أن كل واحد من الصحابة في هذا الحكم سواء وعلى أن البدعة التي تخالف الدليل القطعي الموجب للعلم أي الاعتقاد والعمل لا تعتبر شهة في نفي التكفير عن صاحبها كما لو أدته بدعته إلى قذف عائشة بما برأها الله تعالى منه بنص القرآن القطعى أو إلى نفي صحبة الصديق الثابتة بالقرآن أو إلى أن جبريل غلط في الوحى وأشياه ذلك مما مر * ويدل على ذلك أيضًا ما قاله العلامة التفتازاني في شرح العقائد ونصه وما وقع بينهم أي الصحابة من المنازعات والمحاربات فله محامل تأويلات فسبهم والطعن فيهم إذا كان مما يخالف الأدلة القطعية فكفر كقذف عائشة رضى الله تعالى عنها وإلا فبدعة وفسق الخ.
(أقول) وقيد بقذف عائشة رضى الله تعالى احترازًا عن قذف غيرها من الزوجات الطاهرات تبعًا لما قدمناه عن التتارخانيه لأن قذفها تكذيب للكتاب العزيز بخلاف قذف غيرها وقد تقدم في كلام القاضى