للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ابن عمر، ودليل خطئه مخالفته لأصحاب عبيد الله بن عمر، فكلهم يجعله من رواية بن دينار عن ابن عمر قال ابن رجب -رحمه الله- وهو يتكلم على حديث عبد الله بن دينار " وهو معدود من غرائب الصحيح، فإن الشيخين خرجاه، ومع هذا تكلم فيه الإمام أحمد وقال: لم يتابع عبد الله بن دينار عليه، وأشار إلى أن الصحيح ما روى نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الولاء لمن أعتق" (١) لم يذكر النهي عن بيع الولاء وهبته.

قلت: وروى نافع عن ابن عمر من قوله: النهي عن بيع الولاء عن هبته غير مرفوع وهذا مما يعلل به حديث عبد الله بن دينار والله أعلم" (٢) .

فالإمام أحمد استند في تعليله لهذا الحديث على جملة من الأمور:

أولاً: تفرد عبد الله بن دينار عن ابن عمر بهذا الحديث دون سائر أصحاب ابن عمر كنافع وسالم وغيرهما.

ثانياً: بعض أصحاب ابن عمر كنافع يروى في هذا الموضوع متناً مغايراً لما يرويه ابن دينار وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الولاء لمن أعتق" ولم يذكر النهي عن بيع الولاء وهبته.

ثالثاً: روى نافع عن ابن عمر "النهي عن بيع الولاء وهبته" لكن جعله موقوفاً على ابن عمر ولم يرفعه للنبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن نافعاً أحفظ أصحاب ابن عمر وقد ميز الموقوف من المرفوع، يكون حديثه أصح، هذه أهم الأمور التي استند عليها الإمام أحمد في تعليل حديث ابن دينار.

ويفهم من كلام أحمد أن عبد الله بن دينار روى هذا الحديث بالمعنى ولم يلتزم باللفظ، وبهذا صرح أبو بكر بن العربي رحمه الله حيث قال في عارضة الأحوذي: "تفرد بهذا الحديث عبد الله بن دينار، وهو من الدرجة الثانية من الخبر، لأنه لم يذكر لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه نقل معنى قول


(١) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب لولاء لمن اعتق رقم (٦٧٥٢) ج١٢ ص٤٠ (مع الفتح) .
(٢) شرح العلل ص٢٣٨ - ٢٣٩.

<<  <   >  >>