للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم لمن اعتق" (١) .

هذه هي الأسس والقرائن التي اعتمد عليها الإمام أحمد في استنكار هذا الحديث وتعليله. إذن ما هي الأسس التي اعتمد عليها البخاري ومن تبعه كمسلم والترمذي وغيرهم في تصحيح هذا الحديث؟

هذه الأسس والقرائن التي اعتمد عليها هؤلاء الأئمة في تصحيح الحديث يمكن حصرها فيما يلي:

١- إن هذا المتن الذي انفرد به عبد الله بن دينار لا يعارض غيره من الأحاديث التي وردت في هذا الموضوع سواء عن ابن عمر نفسه أو غيره كعائشة وما ورد في هذا الباب هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الولاء (*) لمن أعتق" وهو يفيد حصر الولاء في العتق، دون غيره من أسباب التمليك كالبيع والهبة. وقد أشار البخاري - رحمه الله - إلى تداخل الحديثين واتفاقهما في المعنى، حيث ترجم في كتاب العتق، "باب بيع الولاء وهبته"، فأورد فيه حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر، ثم أورد فيه حديث عائشة، قال اشتريت بريرة. فاشترط أهلها ولاءها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أعتقيها: فإن الولاء لمن أعطى الورق".

قال الحافظ: ووجه دخوله في الترجمة من قوله في أصل الحديث: "فإن الولاء لمن أعتق" وهو وإن كان لم يسقه هنا بهذا اللفظ، فكأنه أشار إليه كعادته، ووجه الدلالة منه حصره في المعتق فلا يكون لغيره معه منه شيء" (٢) .

٢- إن مضمون هذا الحديث قد عمل به أهل العلم من فقهاء الصحابة والتابعين والأئمة رضي الله عنهم وهذا يعتبر شاهداً لصحته.

وإلى هذا أشار الإمام الترمذي في جامعه، فإن قال بعد روايته لهذا


(١) نقله الحافظ ابن حجر في الفتح: ج١٢ ص٤٥.
(*) الولاء بالفتح والمد: حق ميراث المعتق من المعتق، (الفتح: ج٥ ص١٩٨) .
(٢) الفتح: ج٥ ص١٩٨.

<<  <   >  >>