به القياس (قلت) من نظر إلى فروعهم عرف ان المراد به ما هو اعم من ذلك إلا ترى انه نهى عن بيع وشرط وقد صرح الفقهاء بأن الشرط المتعارف لا يفسد البيع كشراء نعل على ان يحذوها البائع أي يقطعها* ومنه مالو شرى ثوبا أو خفا خلقا على ان يرقعه البائع ويخرزه ويسلمه فانهم قالوا يصح للعرف فقد خصصوا الأثر بالعرف وإنما يصح دعواك تخصيص العرف العام بما ذكرته إذا ثبت ان ما ذكر من هذا المسائل ونحوها كان العرف فيها موجودا زمن المجتهدين من الصحابة وغيرهم والا فيبقى على عمومه مرادا به ما قابل العرف الخاص ببلدة واحدة وهو ما تعامله عامة أهل البلاد سواء كان قديما أو حديثا (ويدل عليه) ما قدمناه عن الذخيرة في رد ما قاله بعض مشايخ بلخ من اعتبارهم عرف بلخ في بيع الشرب ونحوه بأن عرف أهل بلدة واحدة لا يترك به القياس ولا يخص به الاثر ولو كان المراد بالعرف ما ذكرته لكان حق الكلام في الرد عليهم ان يقال ان العرف الحادث لا يترك به القياس الخ فليتأمل ولو سلم ان المراد بالعرف العام ما ذكرته فاعتبار العرف الخاص ببلدة واحدة قول في المذهب والقول الضعيف يجوز العمل به عند الضرورة كما بينته في آخر شرح المنظومة والله تعالى اعلم بل ذكر في فتح القدير مسألة شراء النعل على ان يحذوها البائع انه يجوز البيع استحسانا ويلزم الشرط للعامل ثم قال ومثله في ديارنا شراء القبقاب على ان يسمر له سيرا انتهى فهذا عرف حادث وخاص أيضا إذ كثير من البلاد لا يلبس فيها القبقاب وقد جعله معتبرا مخصصا للنص الناهي عن بيع بشرط ﴿الباب الثاني﴾ فيما إذا خالف العرف ما هو ظاهر الرواية فنقول اعلم ان المسائل الفقهية اما ان تكون ثابتة بصريح النص وهي الفصل الأول واما ان تكون ثابته بضرب اجتهاد وراي وكثير منها ما يبنيه المجتهد على ما كان في عرف زمانه بحيث لو كان في زمان العرف الحادث لقال بخلاف ما قاله اولا ولهذا قالوا في شروط الاجتهاد انه لابد فيه من معرفة عادات الناس فكثير من الاحكام تختلف باختلاف الزمان لتغير عرف اهله أو لحدوث ضرورة أو فساد أهل الزمان بحيث لو بقى الحكم على ما كان عليه أو لا للزم منه المشقة والضرر بالناس ويخالف قواعد الشريعة المبنية على التخفيف والتيسير ودفع الضرر والفساد لبقاء العالم على اتم نظام واحسن احكام ولهذا ترى مشايخ المذهب خالفوا ما نص عليه المجتهد في مواضع كثيرة بناها على ما كان في زمنه لعلمهم بأنه لو كان في زمنهم لقال بما قالوا به اخذا من قواعد مذهبه (فمن ذلك) افتاؤهم بجواز الاستيجار على تعليم القرآن ونحوه لانقطاع عطايا المعلمين التي كانت في الصدر