كان سببا لمنعهم عن شهواتهم ومن جهل باهل زمانه فهو جاهل فجزاه الله عن أهل هذا الزمان خيرا (فهذا) كله وامثاله دلائل واضحة على ان المفتى ليس له الجمود على المنقول في كتب ظاهر الرواية من غير مراعاة الزمان واهله والا يضيع حقوقا كثيرة ويكون ضرره اعظم من نفعه فانا نرى الرجل يأتي مستفتيا عن حكم شرعى ويكون مراده التوصل بذلك إلى اضرار غيره فلو اخرجنا له فتوى عما سئل عنه نكون قد شاركناه في الاثم لانه لم يتوصل إلى مراده الذي قصده إلا بسببنا مثلا إذا جاء يسأل عن اخت له في حضانة امها وقد انتهت مدة الحضانة ويريد اخذها من امها ونعلم أنه لو اخذها من امها لضاعت عنده وما قصده باخذها إلا اذية امها أو التوصل إلى الاستيلاء على ما لها أو ليزوجها لآخر ويتزوج بها بنته أو اخته وامثال ذلك فعلى المفتى إذا راى ذلك ان يحاول في الجواب ويقول له الاضرار لا يجوز ونحو ذلك (وقد) ذكر في البحر مسائل عن روض النووى وذكر انها توافق قواعد مذهبنا منها قوله فرع للمفتى ان يغلظ للزجر متأولا كما إذا سأله من له عبد عن قتله وخشى ان يقله جاز ان يقول ان قتلته قتلناك متأولا لقوله ﵊(من قتل عبده قتلناه) وهذا إذا لم يترتب على إطلاقه مفسدة انتهى (١)(فإن قلت) إذا كان على المفتى اتباع العرف وإن خالف
(١) وكتبت في رد المحتار في باب القسامة فيما لو ادعى الولى على رجل من غير أهل المحلة وشهد اثنان منهم عليه لم تقبل عنده وقالا تقبل الخ نقل السيد الحموى عن العلامة المقدسى انه قال توقفت عن الفتوى بقول الامام ومنعت من اشاعته لما يترتب عليه من الضرر العام فإن من عرفه من المتمردين يتجاسر على قتل النفس في المحلات الحالية من غير اهلها معتمدا على عدم قبول شهادتهم عليه حتى قلت ينبغي الفتوى على قولهما لاسيما والاحكام تختلف باختلاف الايام اهـ وكتبت أيضا في رد المحتار في باب العشر والخراج في مسئلة ما إذا زرع صاحب الأرض ارضه ما هو ادنى مع قدرته على الاعلى قالوا وهذا يعلم ولا يفتى به كيلا يتجرى الظلمة على أخذ اموال الناس قال في العناية ورد بأنه كيف يجوز الكتمان ولو أخذوا كان في موضعه لكونه واجبا واجيب بانا لو فتينا بذلك لادعى كل ظالم في ارض شأنها ذلك انها قبل هذا كانت تزرع الزعفران مثلا فيأخذ خراج ذلك وهو ظلم وعدوان اهـ وكذا قال في فتح القدير قالوا لا يفتى بهذا لما فيه من تسليط الظلمة على اموال المسلمين إذ يدعى كل ظالم ان الأرض تصلح لزراعة الزعفران ونحوه وعلاجه صعب اهـ منه