الفتوى على عادة الناس انتهى وذكر نحوه في آخر الطريقة المحمدية للعارف البركلي فقال ولا حيلة فيه إلا التمسك بالرواية الضعيفة عن أبي يوسف وذكر سيدى عبد الغني النابلسى في شرحه على الطريقة المحمدية ما حاصله انه لا حاجة إلى تخريجه على هذه الرواية لان الذهب والفضة المضروبين المدموغين بالسكة السلطانية معلوما المقدار بين المتعاقدين فذكر العدد كناية عن الوزن اصطلاحا والنقصان الحاصل بالقطع جزئى لا يدخل تحت المعيار الشرعى (اقول) هذا ظاهر على ما كان في زمنه من عدم اختلاف وزنها اما في زماننا فيختلف فكل سلطان يخفف سكته عن سكة السلطان الذي قبله في النوع الواحد بل سكة سلطان زماننا اعزه الله تعالى تختلف في النوع الواحد وكذا السلاطين قبله فإن السكة في اول مدته تكون اثقل منها في آخرها فالريال أو الذهب من نوع واحد يختلف وزنه ولا ينظر المتعاقدان إلى ذلك الاختلاف وشرط صحة البيع معرفة مقدار الثمن إذا كان غير مشار إليه وكذا الأجرة ونحوها والذهب والفضة موزونان فإذا اشترى شيئا بعشرين ريالا مثلا لابد على قول أبي حنيفة ومحمد من بيان ان الريال المذكور من ضرب سنة كذا ليكون متحد الوزن وكذا لو اشتري بالذهب كالذهب المحمودي الجهادي والذهب العدلى في زماننا فإن كلا منهما متفاوت الافراد في الوزن وكذا الريال الفرنجى نوع منه اثقل من نوع فعلى قولهما جميع عقود أهل هذا الزمان فاسدة من بيع وقرض وصرف وحوالة وكفالة واجارة وشركة ومضاربة وصلح وكذا يلزم فساد التسمية في نحو نكاح وخلع وعتق على مال وفساد الدعوى والقضاء والشهادة بالمال وغير ذلك من المعاملات الشرعية فإن أهل هذا الزمان لا ينظرون إلى هذا التفاوت بل يشترى احدهم بالذهب أو الريال ويطلق ثم يدفع الثقيل أو الخفيف وكذا في الإجارة والدعوى وغيرها وكذا يستقرض الثقيل ويدفع بدله الخفيف وبالعكس ويقبل المقرض منه ذلك ما لم تختلف القيمة ويلزم من ذلك تحقق الربا لتحقق التفاوت في الوزن بما يدخل تحت المعيار الشرعى كالقيراط والاكثر بل الظه ان القمحة في الذهب معيار في زماننا لان الذهب الذي ينقص قمحة عن معياره الذي ضربه السلطان عليه يحاسبون على نقصه اما الزائد فلا يعتبرون فيه الزيادة كالذهب المشخص إذا زاد قمحة أو أكثر ولا يخفى ان في قولهما في هذا الزمان حرجا عظيما لما علمته من لزوم هذه المحظورات وقد ركز هذا العرف في عقولهم من عالم وجاهل وصالح وطالح فيلزم منه تفسيق أهل العصر فيتعين الافتاء بذلك على هذه الرواية عن أبي يوسف (لكن)